مقتض متصل غير مركّب من أمور غير قابلة للقسمة. وذلك أيضا مبدأ من مبادي نفي الجزء الذي لا يتجزأ.
فظهر منه أنّه يمتنع حدوث حادث إلّا وقبله حادث آخر لا إلى نهاية.
وأمّا التاسع : فلأنّ اختصاص مادّة كلّ عضو بصورته لأنّ تلك المادة كانت مستعدة لتلك الصورة بسبب أمور حادثة سابقة عليها. والسبب في حصول تلك الأمور السابقة حال حصولها أمور أخر سابقة عليها لا إلى أوّل.
والجواب : قولكم : «إنّه قد تقرر في بداية العقول أنّ الممكن كيف كان لا بدّ له من مرجّح سواء كان قادرا أو لم يكن» مسلّم ، فانّا نوجب استناد الممكن إلى المؤثر ، لكن ليس بحثنا في ذلك بل في تجويز وقوع أحد طرفي الممكن عن المؤثر لا لمرجح ؛ فإنّا ندعي الضرورة فيه ، كالهارب من السبع والجائع والعطشان إذا تساوت الأشياء المؤدية إلى مطلوبه ، فانّه يختار أحدها لا لمرجح.
ولا نقول : إنّه يقف متحيرا حتى يدركه السبع أو يشتد جوعه أو عطشه. ولو خطر ببال أحد شيء يمكن أن يكون مرجّحا مثل أن يكون أحد الجوانب أقرب إليه أو أحسن لونا أو أكثر نضجا ، فلنفرض الاشتراك في هذه الأمور.
وأيضا يقتضي دوام المعلول الأوّل لوجوب دوام واجب الوجود ودوام الثاني لدوام الأوّل وهلم جرا ، وهو ينفي الحدوث أصلا. والقادر يمكنه الإيجاد في غير ذلك المؤثر.
قوله (١) : «إمّا أن يعتبر في تعلّق الإرادة بإيقاع العالم في وقت معيّن ذلك الوقت أو لا يعتبر» ضعيف ، لأنّكم إن عنيتم بكون ذلك الوقت معتبرا أنّ للوقت
__________________
(١) أي قول الرازي حكاية عن الفلاسفة في المطالب العالية ٤ : ٥٩ وما يليها. كذلك في سائر الموارد الآتية.