فالعالم يصحّ عليه العدم.
والصغرى قد سلفت.
وأمّا الكبرى : فلأنّ المحدث هو الذي اتصفت ماهيته بالوجود بعد اتصافها بالعدم ، وكلّ موصوف بصفة فانّ ماهيته قابلة لها بالضرورة ، ولمّا اتصفت ماهية المحدث تارة بالوجود وتارة بالعدم وجب أن تكون ماهيته قابلة لهما وهذه القابلية من لوازم الماهية لاستحالة التسلسل ، فتكون الماهية قابلة للعدم أبدا.
وأيضا كلّ محدث فانّه حال بقائه يحتاج إلى المؤثر ، وكلّ ما كان كذلك كان العدم عليه ممكنا.
أمّا الصغرى ، فلأنّ المعقول من المحدث «الموجود المسبوق بالعدم» وهذا المفهوم مركب من أمور ثلاثة : الموجود والمعدوم ومسبوقية ذلك الموجود بالعدم ، فنقول : المحتاج إلى المؤثر لا يخلو إمّا أن يكون هو الوجود الحاضر أو العدم السابق أو مسبوقية ذلك الموجود بذلك العدم ، ومحال أن يكون المحتاج هو العدم ؛ لأنّ العدم السابق نفي محض فلو كان له بالفاعل تعلّق لكان تعلّقه إمّا أن يكون في أن يستمر ذلك النفي نفيا أو في أن ينقلب ثبوتا ، فإن كان الأوّل كان ذلك مانعا من دخوله في الوجود ، لأنّ الفاعل إذا كان مقتضيا استمرار عدم الشيء استحال أن يكون هو بعينه بذلك الاعتبار أيضا مقتضيا وجوده ، وإن كان الثاني كان ذلك قولا بأنّ الفاعل يقتضي أن يصير العدم وجودا ، وذلك محال لاستحالة أن يصير أحد النقيضين عين نقيض الآخر.
ومحال أن يكون المحتاج هو مسبوقية ذلك الوجود بذلك العدم ، لأنّ تلك المسبوقية حكم واجب الثبوت ، وما كان كذلك لا يكون محتاجا.
أمّا الأوّل : فهو ظاهر ، لأنّ من المعلوم بالضرورة أنّ المحدث يستحيل أن