فانّ الجالس يجدد السكون حالا فحالا فلذلك يستحقّ الذم.
والجواب : أنّه يستحق الذمّ لأنّه لم يفعل ما وجب عليه من الخروج متى نهاه ، والحسن لم ينقلب قبيحا. وقد يحتاج الجالس في دار غيره إلى تجدد أكوان في نفسه حتى لو لم يفعلها لسقط ممّا فيه من الثقل فيكون النهي والكراهية متناولين لذلك.
الوجه الثالث : لو بقيت الحركة لكانت قطعا للمكان في حال بقائها ، أو كانت تسمى حركة وهي باقية كما تسمى بذلك إذا كانت حادثة.
والجواب : لا عبرة بالعبارة. وأمّا المعنى فانّها وإن بقيت لم تخرج عن أن تكون كونا في هذا المكان ، لأنّ بقاء الشيء لا يقلب جنسه ، ولو قطع بها مكان آخر لاقتضى قلب جنسها فهو كالسواد في أنّه لا يصحّ أن يقال : لو بقي صار بياضا أو حمرة ، وهذا قول أبي هاشم في بعض كتبه.
وقال في الجامع : إذا بقيت لا يصحّ أن يقطع بها غير ذلك المكان ، كما إذا بقي السواد لا يجب أن يسود به غير ذلك المحل لما كان السواد يختص محلا معيّنا ، والحركة توجب كون الجوهر كائنا في جهة مخصوصة.
تذنيب : قالوا : لو سأل سائل عن وجود الحركة في الجسم أتوجد في الأوّل أو في الثاني من مكانيه؟ أجبنا بأنّه قد وجد فيه فينتقل به إلى الثاني فكان حال وجودها حال انتقاله إلى الثاني ، وتحقيقه أنّه يوجد في الثاني من مكانيه. (١)
__________________
(١) أنظر تفصيل هذا البحث في مقالات الإسلاميين : ٣٥٣ (واختلف المتكلّمون في معنى الحركة والسكون وأين محلّ ذلك في الجسم هل هو في المكان الأوّل أو الثاني؟) ؛ البغدادي ، أصول الدين : ٤٠.