فحالا والحادث مانع وفي الثاني كف عن فعله فصار ما كان فيه باقيا ولا حظ للباقي في الأكوان في المنع ولو لا ذلك لتعذر عليه رفعه في الثاني على حدّ يعذره في الأوّل.
وأيضا لو لم تكن الأكوان باقية لزم أحد الأمرين وهو إمّا أن يمتنع علينا نقل الأجسام الثقيلة أصلا أو يتأتى منا نقلها بسهولة ، لأنّ القديم عزوجل إن أراد إيجاد السكون فيه حالا بعد حال فمراده بالحصول أحقّ فكان يمتنع ، وإن كان لا يريد ذلك فيجب أن يتأتى على سهولة ، فلما صعب دلّنا هذا على أنّ هناك ما يحتاج إلى إبطاله فهو باق.
احتجّ أبو علي بوجوه :
الوجه الأوّل : الحركة لو بقيت لصارت سكونا. (١)
والجواب : نلتزم ذلك ، فانّ الجنس واحد.
لا يقال : الحركة تدرك على خلاف ما يدرك السكون فلو بقيت لاقتضى أن تتغير في الإدراك.
لأنّا نقول : لا نسلّم أنّ الأكوان مدركة.
الوجه الثاني : لو بقي السكون لانقلب الحسن قبيحا ، والتالي باطل لامتناع قلب الحقائق ، فالمقدم مثله.
بيان الشرطية : أنّ من أذن لغيره في داره يكون الجلوس في داره يكون جلوسه حسنا فلو أمره بالخروج فلم يخرج صار ذلك السكون بعينه قبيحا ، أمّا على قولنا بعدم البقاء
__________________
(١) أمّا الملازمة ، فإذا لا معنى للسكون إلّا الكون المستمر في حيز واحد والحركة هي الكون في الحيز الأوّل فلو كانت باقية كانت في الزمن الثاني كونا مستمرا في الحيز الثاني ، فيكون عين السكون. راجع شرح المواقف ٦ : ١٨٣.