لأنّا نقول : الفرق ظاهر ، لأنّه بالالتصاق قد صار في حكم الشيء الواحد فلو حرك بعضه مع سكون الباقي لحصل افتراق ، وإذا كان ساكنا فليسكن بعضه زيادة سكون دون غيره فلا يحصل المانع ، فافترقا.
تذنيبات
الأوّل : قال بعض المشايخ : يجوز أن يتحرك الجسم حركات متوالية لا سكون فيها في جميع الأجسام. وجوزه الكعبي في الخفيف دون الثقيل. ولو قيل بالعكس كان أقرب ، فإنّا إذا رمينا الخفيف لم نجد سرعة حركته كسرعة حركة الثقيل ، والمانع في الجو يمنع الخفيف بأكثر من منعه للثقيل ، ولا وجه يمكن الإشارة إليه من منع توالي الحركات في الثقيل إذا كانت الأحوال سليمة ولا عارض في الجو ، والذي بسببه يقع الفرق بين نزول الخفيف والثقيل هو الهواء الذي في الجو ، وإلّا فلولاه لكان الحجر والريشة إلها بطان ينزلان معا ، إلّا أنّ الهواء مانع للخفيف من النزول والثقيل يخرقه. هذا هو الصحيح عند مشايخ المعتزلة وإن كان أبو هاشم قد استبعده.
الثاني : يصحّ من القديم تعالى تسكين الثقيل من دون قرار ولا علاقة بأن يخترع فيه سكونا فيقف. (١) وقال الكعبي : إنّه غير مقدور.
ويبطل قوله ، لأنّ السكون لا يحتاج إلى أكثر من المحل ومحله يحتمله لتحيزه فلا وجه للحاجة إلى قرار أو علاقة ، بل إذا فعل الله تعالى فيه السكون وقف كما
__________________
(١) ذهب الشيخ المفيد إلى استحالته حيث قال : «هل يصحّ وقوفه (أي الثقيل) في الهواء الرقيق بغير علاقة ولا عماد؟ وأقول : إنّ ذلك محال لا يصحّ ولا يثبت ، والقول به مؤدّ إلى اجتماع المضادات ، وهذا مذهب أبي القاسم البلخي وجماعة من المعتزلة وأكثر الأوائل ، وخالفهم فيه البصريّون من المعتزلة ، وقد حكي انّه لم يخالف فيه أحد من المعتزلة إلّا الجبائي وابنه وأتباعهما». أوائل المقالات : ١٢٩.