يقف إذا فعله على قرار. هذا ما دام السكون زائدا على موجب الثقل. ولأنّه تعالى يسكن السماوات والأرض ولا قرار لهما.
احتج بأنّه لو صحّ منه تعالى لصحّ منّا.
وهو ممنوع ، لتوقّف فعلنا على آلات وأسباب بخلاف فعله تعالى.
الثالث : منع الكعبي (١) من صحّة تحريك الله تعالى الثقيل بغير جاذب ولا دافع ، ومن صحّة إيجاد الحركة مخترعة من غير سبب. وهو خطأ لاستغنائه تعالى عن الآلات والأسباب. ولأنّ الحركة وجودها مقصور على وجود المحلّ فيجب صحّة وجودها من دون ما شرطه ، ولو لم يصحّ منه إيجاد الحركة مخترعة لما صحّ منه فعل الكون في حال حدوث الجوهر ، لأنّه لا يقع إلّا مخترعا.
الرابع : اختلف الشيخان ، فقال أبو هاشم : يصحّ أن نحرك جسما باعتمادنا عليه من دون تحرك محل الاعتماد ، لكن هذا في أوّل الحركات أمّا إذا توالت
__________________
(١) في كتاب «عيون المسائل» ، ومنعه الشيخ المفيد أيضا ، وخالفهما الجبائيان. راجع أوائل المقالات : ١٣٠.
والمسألة وما قبلها تدوران حول قدرة الله تعالى للتدخل مباشرة في السير الاعتيادي للعليّة الطبيعية. وأنّ ما نستنتجه من هذا كلّه هو أنّ البغداديين (من المعتزلة) والشيخ المفيد كانوا متشدّدين أكثر بشأن العليّة الميكانيكية الطبيعية ، في حين كان البصريّون يرون بأنّ الله قادر أن يفعل بالأجسام مباشرة دون استعمال آلات مادية. راجع مارتن مكدرموت ، نظريات علم الكلام عند الشيخ المفيد : ٢٨١ ـ ٢٨٢.
والحقّ أن نقول طبقا للأحاديث : «أبى الله أن يجري الأمور إلّا بأسبابها». وهذا لا يعني به الانتقاص من قدرة الله سبحانه ، كما أنّ عدم تعلّق قدرته بالمحالات لا يوجب نقصا في قدرته تعالى ، لانّه قادر على الممكنات لا الممتنعات. وقد روي عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام أنّه قيل : لأمير المؤمنين عليهالسلام : هل يقدر ربّك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير أن يصغر الدنيا أو يكبر البيضة؟ قال : «إنّ الله تبارك وتعالى لا ينسب إلى العجز ، والذي سألتني لا يكون». الصدوق ، التوحيد ، باب ٩ ، رواية ٩ ، ص ١٣٠. ومثلها رواية ١٠.