كون النقلة كمالا بسبب كون الاستحالة كمالا ولا بالعكس ، بل يجوز أن يكون وجود النقلة سببا لوجود الاستحالة ، وحينئذ يكون التقدم والتأخر عائدين إلى الوجود ، وهذا كما أنّ أنواع العدد لما لم يكن شيء منها علّة لكون الآخر عددا بل لكونه موجودا (١) لا جرم كان كون العدد مقولا عليها بالتواطؤ أو التشكيك عائدا إلى الوجود ، فكذا هنا.
وفيه نظر ، فانّه ليس أسباب المقولية بالتشكيك منحصرة في التقدّم السببي والتأخر ، فإنّ بياض الثلج ليس أولى بأن يكون متقدّما على بياض العاج من العكس بل لا تقدم لأحدهما على الآخر في البياضة ومع ذلك فالتشكيك ثابت فيه ، كذا هنا.
إذا ثبت هذا فنقول : اختلف الناس هنا فقال بعضهم : إنّ الحركة نفس مقولة أن ينفعل. وبعضهم منع من ذلك.
واحتج المانعون : بأنّ الحركة مقولة بالتشكيك على ما تقدّم ولا شيء من المقولات بمقول على ما تحته بالتشكيك ، فالحركة ليست بمقولة.
وقد سلف ضعف قولهم في مقوليّتها على ما تحتها بالتشكيك. ولأنّ مقوليتها على ما تحتها بالتشكيك لا يمنع من كونها مقولة ، فانّ الجدة وهي كون الشيء محاطا بغيره بحيث ينتقل بانتقاله مقولة على ما تحتها بالتشكيك ، فانّ جلد الحيوان أولى بذلك من قميصه ، فكذلك هنا.
وهو ضعيف ، لأنّهم يشترطون في مقولة الجدة الخروج عن الشيء احترازا من الجلد. نعم يمكنهم التمسّك بأنّ مقولة أن ينفعل ليست وجودية وإلّا تسلسل ، والحركة لا شكّ في أنّها وجودية ، فليست مقولة أن ينفعل.
__________________
(١) مثلا : الاثنينية قبل الثلاثية في الوجود لا في مفهوم العددية ، لأنّ العددية لهما معا.