كحجر رمي به إلى فوق قسرا ثمّ هبط طبعا فالحركتان متضادتان والمتحرك واحد ، فلما وجد التضاد منفكا عن تضاد المتحرك وبالعكس علم استناده إليه.
وليس علّة التضاد تضاد المحرك ، لتضادّ القوّة القسرية في الحجر والطبيعية في النار مع اتحاد حركتهما.
ولا للزمان ، لأنّه لا تضادّ فيه فلا يقتضي تضادّ غيره. ولأنّ الزمان عارض للحركة (١) فلو كان فيه تضادّ لم يوجب تضادّ الحركة ، لأنّ تضاد العارض لا يوجب تضادّ المعروض.
ولا لتضاد المسافة ، لأنّ المسافة بين السواد والبياض ، وبين الصعود والهبوط ، وبين التخلخل والتكاثف ، وبين التوالي وخلافه ، واحدة مع مضادة الحركة من السواد إلى البياض للحركة من البياض إلى السواد وكذا البواقي.
فلم يبق المقتضي إلّا تضاد ما منه وإليه.
لا يقال : مبدأ الحركة المكانية ومنتهاها نقطتان وحقيقتهما متماثلة فإن تضادا فلعارض ، وتضاد العوارض لا يوجب تضاد المعروضات فكيف ما يتعلّق بها؟
لأنّا نقول : الحركة لا تتعلّق بالنقطتين من حيث ماهيتها ولا تتعلّق بماهية المبتدأ وماهية المنتهى ، بل إنّما تتعلّق بوصف المبتدأ والمنتهى (٢) المتضادين ، فإذن التعلّق الذاتي بين هذه الحركات وبين هذه العوارض المتضادة حاصل وبسبب التعلق بهذه العوارض حصل التعلق بالمعروضات ، فإنّه لو لم يعرض لإحدى النقطتين أن كانت مبدأ لهذه الحركة وللأخرى أن كانت نهاية لها لم تتعلق بها الحركة أصلا ، وإذا كان التعلّق (٣) الذاتي لتلك الحركة بتلك العوارض المتضادة
__________________
(١) من حيث إنّ الزمان مقدار الحركة والمقدار عارض للمتقدر. إيضاح المقاصد : ٢٩٠.
(٢) أي مبدئية المبتدأ ومنتهائية المنتهى.
(٣) ق : «المتعلق».