ممكنا فيكون وجوده حين ما يوجد يستدعي علّة زائدة فلا يكون السبب التام سببا تاما ، هذا خلف. فعلّة الحادث الموجبة حادثة والكلام فيها كالكلام في الأوّل ويتسلسل.
فالحوادث العنصرية إن كانت مباديها عنصرية فامّا أن تكون نفس أجسامها أو قوى مركوزة فيها. والأوّل محال لما سبق من امتناع كون الجسم من حيث هو جسم علّة للحركة والسكون. والثاني إمّا أن يكون لتلك القوّة شعور بما يصدر عنها أو لا ، والأوّل هو القوّة الاختيارية ، والثاني إمّا أن تكون تلك القوّة ملائمة للجسم أو لا ، والأوّل هو القوّة الطبيعية ، والثاني القسرية. والقوّة الطبيعية إمّا أن تحصل للبسائط كالنارية والمائية ، أو للمركبات كقوّة المغناطيس الجاذبة للحديد ، فالقوى العنصرية هذه الأربع خاصة ولا شيء منها صالح لمبدئية حدوث الحوادث.
أمّا الاختيارية فلأنّها قوّة على الطرفين فلا بدّ لها من مرجّح فإن كان اختيارا لزم التسلسل أو الانتهاء إلى غيره فلا يكون هو مبدأ أوّل.
وأمّا الطبيعة البسيطة فليست أيضا مبادئ أول ، لأنّ كلّ عنصر يصحّ عليه الكون والفساد فاختصاص حامل تلك القوّة لها إن كان للجسمية ولوازمها عاد المحال في أنّها لا تكون متخالفة الطبيعة وإذا لم تكن متخالفة لم تكن متفاعلة ، فلا تكون القوّة مبدأ فضلا عن أن تكون مبدأ أوّل. وإن كان لأمر مفارق لم تكن القوّة الطبيعية مبدأ أوّل.
وأمّا ثانيا : فلأنّ الاختبار دلّ على أنّ شيئا من القوى الطبيعية لا تفعل آثارها إلّا عند تلاقي حواملها ، والأجسام المتفاعلة متخالفة بالطبع لأنّ الشيء لا ينفعل عن مثله ، والأجسام المتخالفة بالطبع متنازعة بالطبع إلى التباعد وما تكون كذلك فلا تكون متلاقية بالطبع. فإذن تلاقيها لأمر آخر وذلك الأمر إن كان جسما