السابع : لو كانت الأدوار الماضية غير متناهية لكان وجود اليوم موقوفا على انقضاء ما لا نهاية له (١) وانقضاء ما لا نهاية له محال ، والموقوف على المحال محال.
وأمّا أنّه لا يجوز أن يكون ساكنا فلوجوه :
الوجه الأول : لو كانت ساكنة فإمّا أن تصحّ عليها الحركة أو لا. والأول محال ، لأن صحّة الحركة عليها تتوقف على صحّة وجود الحركة في نفسها ، وقد سبق أنّ وجود الحركة في الأزل محال ، فثبت أنّه لا تصحّ الحركة عليها.
فذلك الامتناع إن كان لازما للماهية وجب أن لا يزول البتة ، فوجب أن لا تصحّ الحركة على الأجسام فيما لا يزال ، هذا خلف. وإن لم يكن من لوازم الماهية أمكن زواله وتكون الحركة عليه جائزة ، وقد أبطلناه.
الوجه الثاني (٢) : السكون أمر ثبوتي على ما يأتي ، فلو كان ذلك السكون قديما امتنع زواله ، لأنّه (٣) إن كان واجبا لذاته فظاهر ، وإن كان ممكنا استند إلى واجب موجب دفعا للدور والتسلسل (٤) وقدم (٥) فعل المختار ، لكن التالي باطل ، لأنّا نشاهد عدم السكون في الفلكيات والعنصريات معا ولا جسم إلّا هذين.
ولأنّ الأجسام متماثلة (٦) ، فإذا صحّ على بعضها الحركة صحّ على الجميع.
__________________
(١) «له» ساقطة في ق.
(٢) أنظر الوجه الثاني في معالم أصول الدين : ٤٢.
(٣) «لأنّه» ساقطة في ق.
(٤) «والتسلسل» ساقطة في ق.
(٥) ق : «قد».
(٦) قال الرازي : «ومن أراد تعميم الدلالة فلا بدّ له من بيان تماثل الأجسام». واعترض عليه الطوسي وقال : «إنّ الدليل إن صحّ دلّ على امتناع وجود ما لا ينفك إمّا عن الحركة أو عن السكون ، سواء كان ذلك شيئا واحدا أو أشياء متماثلة أو مختلفة ، ولو ثبت اتّفاق الاتصاف بهما أزلا لشيء لا يخلو عنهما لثبت حدوث ذلك الشيء كيف ما كان». نقد المحصل : ١٩٦ و ٢٠٣.