ولأنّه لو جاز الانتقال من الامتناع إلى الإمكان لجاز في شريك الباري ، والجمع بين الضدين ، وإذا لم تكن لإمكان العالم بداية كان القول بامتناعه في الأزل متناقضا لهذا.
وأيضا إن فسر الحدوث بالمسبوقية بالعدم وأريد السبق الذاتي لم يقتض الحدوث والسبق بالعلّة والمكان ، والشرف منفي هنا ، وبالزمان يقتضي قدمه ؛ لأنّ ذلك السبق إذا لم يكن له أوّل وكان مفهومه يقتضي تحقّق الزمان لم يكن للزمان أوّل ، فهو قديم فمحلّه وهو الحركة قديم فمحلّها وهو الجسم قديم (١) ، فتفسير الحدوث يوجب العدم ، وهو تناقض.
وإن فسر بالمسبوقية بوجوده تعالى ، فإن أريد السبق بالعلية أو بالطبع أو بالشرف فمسلّم ، والمكان منفي والزمان يقتضي قدمه.
سلمنا ، لكن لا نسلّم أنّ الجسم لو كان قديما لكان إمّا متحركا أو ساكنا ، لأنّ ذلك فرع حصول الجسم (٢) في المكان ، وهو منفي ، لأنّ المكان إن كان معدوما لزم حصول الموجود في المعدوم ، وهو محال. وإن كان موجودا لزم أن يكون له مكان إن كان جسما لصحّة الحركة عليه ويتسلسل ، ولو صحّ فالموجود حاصل ، لأنّ تلك أجسام فتقبل الحركة وهي الانتقال من مكان إلى مكان ، فلكلّ الأجسام مكان ليس بجسم لخروجه عن كلّ الأجسام ، وإن لم يكن مشارا إليه لم يكن مكانا ، لأنّ المكان هو الذي يتحرك عنه وإليه فإليه إشارة.
سلّمنا ، لكن لا نسلم أنّ الأزلية تنافي حركات بغير نهاية وإن نافت حركة حركة منها. ولأنّ كون ماهية الحركة مركّبة من جزء سابق وجزء لاحق ينافي دوامها في ضمن أفرادها المتعاقبة لا إلى أوّل ، وهو المعنى بكونها أزلية.
__________________
(١) ق : «القديم».
(٢) «الجسم» ساقطة في ق.