ولا نسلّم أنّ المجموع فعل للمختار ، لأنّ الموجب قد يتخلّف عنه الأثر إمّا لفوات شرط أو لحضور مانع ، فلم لا يجوز أن يقال : المؤثر في وجود هذه الحوادث موجب بالذات، إلّا أنّ كلّ حادث يتقدم تقدمه (١) شرط لأن يصدر عن العلّة الموجبة حادث آخر بعده؟
سلّمنا أنّه فعل المختار ، لكن لا يجب حدوثه ، لأنّ وجود الحادث وصحّة تأثير المؤثر فيه ممكن أبدا ، لاستحالة انتقاله من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي ، وإذا كان كلّ منهما ممكنا (٢) أزلا كان تأثير القادر في الأثر أزلا جائزا. وليس في الأزل شيء من الحركات الجزئية بل القديم الحركة الكلية بتعاقب الأفراد الجزئية وهي ليست مسبوقة بغيرها ، ولم يلزم أن يكون لكلّ الحركات الجزئية أوّل.
واجتماع العدمات إن عنيت به في حيز ما ، فهو ممنوع ؛ لأنّه ما من حيز يفرض إلّا وينتفي واحد منها فيه لوجود الحركة التي هي عدمها ضرورة تعاقب تلك الحركات لا إلى أوّل.
وإن عنيت به أنّه لا ترتب في بدايات تلك العدمات كما في بدايات الوجودات ، فلا يلزم من اجتماع بعض الموجودات معها محذور.
والجملة الناقصة لا تنقطع من المبدأ ، وإنّما يكون الشيء مع غيره كهو لا مع غيره لو كانت أفراد الناقص مثل أفراد الزائد ، كما في مراتب الأعداد من الواحد إلى ما لا يتناهى إذا أطبقنا إحدى الجملتين على الأخرى.
وانقضاء ما لا نهاية له محال ، أمّا انقضاء ما لا بداية له ففيه النزاع.
اعترضه الشيخ (٣) بسؤال واقع وهو أنّ توقّفه على انقضاء ما لا نهاية له يفهم
__________________
(١) كذا ، وفي نقد المحصل : «متقدم فتقدمه» ، ص ١٩٨.
(٢) «ممكنا» ساقطة في ق ، والصحيح ما أثبتناه من ج ونفس المصدر.
(٣) راجع شرح الإشارات ٣ : ١٣٦. ونقله الرازي بقوله : «اعترض الخصم فقال ...» المطالب العالية ٤ : ٢٧٥.