منه أمران ، أحدهما : أن يفرض الحادث وما لا يتناهى معدومين في وقت من الأوقات ، ثمّ يفرض توقّف وجود الحادث بعد ذلك الوقت على وجود ما لا يتناهى بعده ولا شكّ في استحالته. والثاني : أن لا يفرض وقت يكون الحادث وما لا يتناهى معدومين فيه لكن لا يوجد الحادث إلّا إذا وجدت أفراد لا تتناهى على التعاقب قبله ، وهو نفس النزاع ؛ فإنّ ما لا يتناهى إنّما يستحيل وجوده بشرطين : وجود أفراده دفعة والترتب العقلي أو الوضعي بينهما ، وباعتبار الشرط الأوّل جاز ترتّب الحوادث إلى ما لا يتناهى ، وباعتبار الثاني جاز وجود نفوس غير متناهية.
سلّمنا انّها لم تكن متحركة ، فلم لا تكون (١) ساكنة؟
وامتناع الحركة عدمي لا يعلل.
ويرد عليكم في امتناع العالم أزلا ، فانّه إن كان لازما للماهية استمر الامتناع أبدا ، وإن لم يكن لازما اعترفتم بجواز أزلية العالم.
ولا نسلّم كون السكون ثبوتيا.
سلّمنا ، لكن لا نسلّم افتقاره إلى المؤثر ، لأنّ علّة الحاجة الحدوث فلا يمكنكم بيان افتقار هذا السكون إلى المؤثر إلّا إذا بيّنتم حدوثه ، لكنّكم فرّعتم حدوثه على هذه المقدمة ، فدار.
سلّمنا ، لكن نمنع امتناع عدم القديم ؛ فانّ قدرته تعالى أزلية ، وبعد الايجاد عدمت لاستحالة تحصيل الحاصل. والقدرة (٢) على إعدامه ثمّ إيجاده غير مفيدة ، لأنّ كلامنا في تعلق القدرة بالايجاد ابتداء.
ولأنّه تعالى عالم في الأزل بأنّ العالم معدوم ، فإذا وجد زال العلم الأزلي.
__________________
(١) ق : «يجوز».
(٢) دفع دخل مقدّر وهو أن يقال : إنّه تعالى بعد الايجاد قادر أيضا بأن يعدم ثمّ يوجده مرّة أخرى. وأجاب عليه بانّ كلامنا في تعلّق القدرة ابتداء [وما ذكرتموه تعلّق آخر].