قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الإرشاد إلى قواطع الأدلّة في أصول الإعتقاد

كتاب الإرشاد إلى قواطع الأدلّة في أصول الإعتقاد

كتاب الإرشاد إلى قواطع الأدلّة في أصول الإعتقاد

تحمیل

كتاب الإرشاد إلى قواطع الأدلّة في أصول الإعتقاد

114/174
*

تعداه. وذهب ذاهبون منهم إلى أن الرب كلف الأرواح في ابتداء الفطرة ما لا مشقة فيه ، ثم خالف من خالف ووفى من وفى.

والغلاة من التناسخية (١) أنكروا الحشر والآخرة ، وقالوا : لا مزيد على تقلب الأرواح في الأجساد ، على حكم العقاب ، أو على حكم الثواب.

وأما المعتزلة فقد قالوا ، لما سئلوا عن الآلام الحالة بالأطفال والبهائم ، الآلام تحسن لأوجه :

منها أن تكون مستحقة على سوابق ، ومنها أن يجتلب بها نفع موف عليها برتبة بينة ، ومنها أن يقضي بها دفع ضرر أهم منها. وصاروا إلى أن آلام البهائم إنما حسنت ، لأن الرب سيعوضها عليها في دار الثواب ما يربى ويزيد على ما نالها من الآلام. ثم صار معظمهم إلى أن العوض الملتزم على الآلام ، أحط رتبة من الثواب الملتزم على التكليف. واختلفوا في أن العوض هل يدوم دوام الثواب أم لا؟

واضطربت أجوبتهم في أنه هل يتصور التفضل بمثل الأعواض ابتداء؟ فصار بعضهم إلى أن ذلك ممتنع ، كما يمتنع التفضل بمثل ثواب التكليف. إذ ذاك مجمع على امتناعه ، وصار من انتمى إلى التحصيل منهم إلى أن التفضل بأقدار الأعواض ممكن غير ممتنع. فمن قال بامتناع التفضل بأمثال الأعواض ، جوز وقوع الآلام للتعويض المجرد ؛ ومن جوز التفضل بأمثال الأعواض ، لم تحسن الآلام عنده لمحض التعويض ، بل قال إنما يحسن بوجهين لا بد من اقترانهما : أحدهما التزام التعويض ، والثاني اعتبار غير المؤلم بتلك الآلام ، وكونها ألطافا في زجر الغاوي عن غوايته.

وذهب عبّاد (٢) الصيمري إلى أن الآلام تحسن بمحض الاعتبار من غير تقدير تعويض عليها.

فهذه أصول المعتزلة في إيلام البهائم والأطفال. ثم من تمام أصلهم أن ما يحسن الألم لأجله لو علم ، فإنه يحسن إذا اعتقد ، أو غلب على الظن ما يحسن الآلام لأجله في عادات الناس قالوا : وكذلك يحسن في عادات الناس العقلاء التزام المشقات ، لتوقع منافع زائدة عليها وإن كانت عواقبها منطوية عن العباد ، وعلام الغيوب المستأثر بعلمها.

فصل

فأما الثنوية ، فما قالوه من كون الألم ظلما قبيحا لعينه ، باطل لا خفاء ببطلانه. فإنه نعلم أن المريض إذا شرب دواء بشيعا ، كريه المشرب ، وقصد بذلك درء الأمراض عن نفسه ، فلا يعد ذلك

__________________

(١) هم القائلون بقدم العالم ويتناسخ الأرواح في الصور المختلفة ، وأجازوا أن ينقل روح إنسان إلى كلب ، وروح كلب إلى إنسان. منهم من كان قبل الإسلام ومنهم ظهر في دولة الإسلام. انظر الفرق بين الفرق.

(٢) هو عباد بن سليمان ، من الطبقة السابقة من المعتزلة ، كان يمتنع من اطلاق القول بأن الله تعالى خلق الكافر لأن الكافر كفر ، وإنسان ، والله تعالى لا يخلق الكفر وقال : النبوة جزاء على عمل وأنها باقية ما بقيت الدنيا. انظر الملل والنحل في الفرقة الهشامية.