واجعلوه حجة بينكم وبين الله ، ويكون نبي من أنبياء الله قد حكم بينكم بذلك ، وإن حكم بالرجم فلا تتبعوه في ذلك.
وقد وردت الأحاديث في ذلك فقال مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : إن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم «ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟» فقالوا : نفضحهم ويجلدون ، قال عبد الله بن سلام : كذبتم ، إن فيها الرجم ، فأتوا بالتوراة فنشروها ، فوضع أحدهم يده على آية الرجم ؛ فقرأ ما قبلها وما بعدها ، فقال له عبد الله بن سلام : ارفع يدك فرفع يده ، فإذا آية الرجم ، فقالوا : صدق يا محمد فيها آية الرجم ، فأمر بهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرجما ، فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة (١) ، أخرجاه ، وهذا لفظ البخاري وفي لفظ له : فقال لليهود «ما تصنعون بهما؟» قالوا : نسخم وجوههما ونخزيهما ، قال (فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [آل عمران : ٩٣] فجاؤوا فقالوا لرجل منهم ممن يرضون أعور : اقرأ فقرأ حتى انتهى إلى موضع منها ، فوضع يده عليه فقال : ارفع يدك فرفع ، فإذا آية الرجم تلوح ، قال : يا محمد إن فيها آية الرجم ولكنا نتكاتمه بيننا ، فأمر بهما فرجما.
وعند مسلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أتي بيهودي ويهودية قد زنيا ، فانطلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى جاء يهود فقال «ما تجدون في التوراة على من زنى؟» قالوا : نسود وجوههما ونحممهما ، ونحملهما ونخالف بين وجوههما ويطاف بهما. قال (فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [آل عمران : ٩٣] قال : فجاؤوا بها فقرؤوها حتى إذا مروا بآية الرجم ، وضع الفتى الذي يقرأ يده على آية الرجم ، وقرأ ما بين يديها وما وراءها ، فقال له عبد الله بن سلام وهو مع رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : مره فليرفع يده فرفع يده ، فإذا تحتها آية الرجم ، فأمر بهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرجما. قال عبد الله بن عمر : كنت فيمن رجمهما ، فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه (٢). وقال أبو داود : حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا هشام بن سعد أن زيد بن أسلم حدثه عن ابن عمر قال : أتى نفر من اليهود فدعوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى القف ، فأتاهم في بيت المدارس ، فقالوا : يا أبا القاسم ، إن رجلا منا زنى بامرأة فاحكم. قال : ووضعوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وسادة فجلس عليها ، ثم قال «ائتوني بالتوراة» فأتي بها ، فنزع الوسادة من تحته ووضع التوراة عليها ، وقال «آمنت بك وبمن أنزلك» ثم قال «ائتوني بأعلمكم» فأتي بفتى شاب ثم ذكر قصة الرجم نحو حديث مالك عن نافع (٣).
وقال الزهري : سمعت رجلا من مزينة ممن يتبع العلم ويعيه ، ونحن عند ابن المسيب ، عن
__________________
(١) صحيح البخاري (توحيد باب ٥١ وتفسير سورة آل عمران باب ٣ و٦) وموطأ مالك (حدود حديث ١)
(٢) صحيح مسلم (حدود حديث ٢٦)
(٣) سنن أبي داود (حدود باب ٢٥)