نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
وفي حديث عمر : أن جبريل حين تبدى له في صورة أعرابي ، فسأل عن الإيمان والإسلام والإحسان ، فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم فيما قاله له : «خمس لا يعلمهن إلا الله» ثم قرأ (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) الآية.
وقوله (وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) أي محيط علمه الكريم بجميع الموجودات ، بريها وبحريها ، لا يخفى عليه من ذلك شيء ، ولا مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، وما أحسن ما قال الصرصري : [الوافر]
فلا يخفى عليه الذر إما |
|
تراءى للنواظر أو توارى |
وقوله (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها) أي ويعلم الحركات حتى من الجمادات ، فما ظنك بالحيوانات ، ولا سيما المكلفون منهم من جنهم وإنسهم ، كما قال تعالى : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ). وقال ابن أبي حاتم ، حدثنا أبي ، حدثنا الحسن بن الربيع ، حدثنا أبو الأحوص ، عن سعيد بن مسروق ، حدثنا حسان النمري ، عن ابن عباس ، في قوله (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها) قال : ما من شجرة في بر ولا بحر إلا وملك موكل بها ، يكتب ما يسقط منها ، رواه ابن أبي حاتم.
وقوله (وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور الزهري ، حدثنا مالك بن سعير ، حدثنا الأعمش ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، قال : ما في الأرض من شجرة ولا مغرز إبرة ، إلا وعليها ملك موكل ، يأتي الله بعلمها ، رطوبتها إذا رطبت ، ويبوستها إذا يبست ، وكذا رواه ابن جرير (١) عن أبي الخطاب زياد بن عبد الله الحساني ، عن مالك بن سعير به. ثم قال ابن أبي حاتم : ذكر عن أبي حذيفة ، حدثنا سفيان عن عمرو بن قيس ، عن رجل ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : خلق الله النون وهي الدواة ، وخلق الألواح ، فكتب فيها أمر الدنيا ، حتى ينقضي ما كان من خلق مخلوق ، أو رزق حلال أو حرام ، أو عمل بر أو فجور ، وقرأ هذه الآية (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها) إلى آخر الآية.
قال محمد بن إسحاق : عن يحيى بن النضر ، عن أبيه ، سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص ، يقول : إن تحت الأرض الثالثة وفوق الرابعة من الجن ، ما لو أنهم ظهروا ، يعني لكم ، لم تروا معهم نورا على كل زاوية من زوايا الأرض خاتم من خواتيم الله عزوجل ، على كل خاتم ملك من الملائكة ، يبعث الله عزوجل إليه في كل يوم ملكا من عنده أن احتفظ بما عندك.
__________________
(١) تفسير الطبري ٥ / ٢١١.