بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) قال : فهي أربع خلال ، منها اثنتان بعد وفاة رسول اللهصلىاللهعليهوسلم بخمس وعشرين سنة ، ألبسوا شيعا وذاق بعضهم بأس بعض. وبقيت اثنتان لا بد منهما واقعتان ، الرجم والخسف.
ورواه أحمد عن وكيع ، عن أبي جعفر. وقال ابن أبي حاتم : وقال ابن أبي حاتم : حدثنا المنذر بن شاذان ، حدثنا أحمد بن إسحاق ، حدثنا أبو الأشهب عن الحسن في قوله (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ) الآية ، قال : حبست عقوبتها حتى عمل ذنبها ، فلما عمل ذنبها أرسلت عقوبتها.
وهكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير وأبو مالك والسدي ، وابن زيد وغير واحد في قوله (عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) يعني الرجم (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) يعني الخسف وهذا هو اختيار ابن جرير.
وروى ابن جرير (١) : عن يونس ، عن ابن وهب ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) قال : كان عبد الله بن مسعود يصيح وهو في المسجد أو على المنبر ، يقول : ألا أيها الناس إنه قد نزل بكم ، إن الله يقول (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) لو جاءكم عذاب السماء لم يبق منكم أحدا ، (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) لو خسف بكم الأرض أهلككم ، ولم يبق منكم أحدا ، (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) ألا إنه نزل بكم أسوأ الثلاث.
قول ثان ـ قال ابن جرير وابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، سمعت خلاد بن سليمان يقول : سمعت عامر بن عبد الرحمن يقول : إن ابن عباس كان يقول : في هذه الآية (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) فأئمة السوء (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) فخدم السوء (٢).
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس (عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) يعني أمراءكم (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) يعني عبيدكم وسفلتكم (٣).
وحكى ابن أبي حاتم عن أبي سنان وعمرو بن هانئ ، نحو ذلك. قال ابن جرير : وهذا القول وإن كان له وجه صحيح ، لكن الأول أظهر وأقوى ، وهو كما قال ابن جرير رحمهالله ، ويشهد له بالصحة قوله تعالى : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ أَمْ
__________________
(١) تفسير الطبري ٥ / ٢١٧ ـ ٢١٨.
(٢) تفسير الطبري ٥ / ٢١٨.
(٣) المصدر السابق.