قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير القرآن العظيم [ ج ٣ ]

254/495
*

فيموت ، فإذا لم يبق إلا الله ، الواحد القهار الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، كان آخرا كما كان أولا ، طوى السموات والأرض ، طي السجل للكتب ، ثم دحاهما ثم يلقفهما ثلاث مرات ، ثم يقول : أنا الجبار أنا الجبار أنا الجبار ثلاثا ، ثم هتف بصوته (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) ثلاث مرات ، فلا يجيبه أحد ، ثم يقول لنفسه (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) يقول الله : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) فيبسطهما ويسطحهما ، ثم يمدهما مد الأديم العكاظي (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة ، فإذا هم في هذه الأرض المبدلة ، مثل ما كانوا فيها من الأولى ، من كان في بطنها كان في بطنها ، ومن كان على ظهرها كان على ظهرها ، ثم ينزل الله عليهم ماء من تحت العرش ، ثم يأمر الله السماء أن تمطر فتمطر أربعين يوما ، حتى يكون الماء فوقهم اثني عشر ذراعا ثم يأمر الله الأجساد أن تنبت فتنبت كنبات الطراثيث (١) ، أو كنبات البقل ، حتى إذا تكاملت أجسادهم فكانت كما كانت ، قال الله عزوجل : ليحي حملة عرشي فيحيون ، ويأمر الله إسرافيل فيأخذ الصور فيضعه على فيه ، ثم يقول : ليحي جبريل وميكائيل ، فيحييان ثم يدعو الله بالأرواح فيؤتى بها تتوهج أرواح المسلمين نورا ، وأرواح الكافرين ظلمة ، فيقبضها جميعا ، ثم يلقيها في الصور ، ثم يأمر الله إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث ، فينفخ نفخة البعث ، فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض ، فيقول وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده ، فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد ، فتدخل في الخياشيم ثم تمشي في الأجساد ، كما يمشي السم في اللديغ ، ثم تنشق الأرض عنهم ، وأنا أول من تنشق الأرض عنه ، فتخرجون سراعا إلى ربكم تنسلون ، (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) [القمر : ٨] حفاة عراة غلفا غرلا ، فتقفون موقفا واحدا مقداره سبعون عاما لا ينظر إليكم ولا يقضى بينكم ، فتبكون حتى تنقطع الدموع ، ثم تدمعون دما وتعرقون ، حتى يلجمكم العرق أو يبلغ الذقان ، وتقولون : من يشفع لنا إلى ربنا فيقضي بيننا ، فتقولون : من أحق بذلك من أبيكم آدم خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وكلمه قبلا ، فيأتون آدم فيطلبون ذلك إليه فيأبى ، ويقول ما أنا بصاحب ذلك فيستقرءون الأنبياء نبيا نبيا ، كلما جاءوا نبيا أبى عليهم ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى يأتوني فأنطلق إلى الفحص ، فأخرّ ساجدا. قال أبو هريرة يا رسول الله وما الفحص؟ قال ـ قدام العرش ، حتى يبعث الله إليّ ملكا فيأخذ بعضدي ويرفعني فيقول لي : يا محمد ، فأقول : نعم يا رب ، فيقول الله عزوجل : ما شأنك؟ وهو أعلم ـ فأقول يا رب وعدتني الشفاعة ، فشفعني في خلقك فاقض بينهم ، قال الله : قد شفعتك ، أنا آتيكم أقضي بينكم ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فأرجع فأقف مع الناس ، فبينما نحن وقوف ، إذ سمعنا من السماء حسا شديدا ، فهالنا فينزل أهل السماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس ، حتى إذا دنوا من الأرض ، أشرقت

__________________

(١) الطرثيث : نبات رملي طويل مستدق ، يضرب لونه إلى الحمرة.