فذكره (١).
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن عمرو بن قيس ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن المسوّر ، قال : تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) قالوا : يا رسول الله ما هذا الشرح؟ قال «نور يقذف به في القلب» قالوا : يا رسول الله فهل لذلك من أمارة تعرف؟ قال «نعم» قالوا : وما هي؟ قال «الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل الموت».
وقال ابن جرير (٢) أيضا : حدثني هلال بن العلاء ، حدثنا سعيد بن عبد الملك بن واقد ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله «إذا دخل النور القلب انفسح وانشرح» قالوا : فهل لذلك من علامة يعرف بها؟ قال «الإنابة إلى دار الخلود والتنحي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت» وقد رواه من وجه آخر عن ابن مسعود متصلا مرفوعا فقال : حدثني ابن سنان القزاز ، حدثنا محبوب بن الحسن الهاشمي ، عن يونس ، عن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عتبة ، عن عبد الله بن مسعود ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) قالوا : يا رسول الله وكيف يشرح صدره؟ قال «يدخل فيه النور فينفسح» قالوا : وهل لذلك علامة يا رسول الله؟ قال «التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود ، والاستعداد للموت قبل أن ينزل الموت» (٣) فهذه طرق لهذا الحديث مرسلة ومتصلة ، يشد بعضها بعضا ، والله أعلم.
وقوله تعالى : (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) قرئ بفتح الضاد وتسكين الياء ، والأكثرون ضيقا بتشديد الياء وكسرها ، وهما لغتان كهين وهين ، وقرأ بعضهم حرجا بفتح الحاء وكسر الراء قيل بمعنى آثم ، قاله السدي ، وقيل : بمعنى القراءة الأخرى حرجا بفتح الحاء والراء ، وهو الذي لا يتسع لشيء من الهدى ، ولا يخلص إليه شيء ما ينفعه من الإيمان ، ولا ينفذ فيه.
وقد سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا من الأعراب من أهل البادية من مدلج عن الحرجة ، فقال : هي الشجرة تكون بين الأشجار ، لا تصل إليها راعية ولا وحشية ولا شيء ، فقال عمر رضي الله عنه : كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير. وقال العوفي : عن ابن عباس ، يجعل الله عليه الإسلام ضيقا ، والإسلام واسع ، وذلك حين يقول (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ
__________________
(١) تفسير الطبري ٥ / ٣٣٥.
(٢) تفسير الطبري ٥ / ٣٣٦.
(٣) المصدر السابق.