قال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن أبي بن كعب رضي الله عنه ، قال : كان آدم رجلا طوالا كأنه نخلة سحوق ، كثير شعر الرأس ، فلما وقع فيما وقع به من الخطيئة ، بدت له عورته عند ذلك وكان لا يراها ، فانطلق هاربا في الجنة فتعلقت برأسه شجرة من شجر الجنة ، فقال لها : أرسليني. فقالت : إني غير مرسلتك ، فناداه ربه عزوجل : يا آدم أمني تفر؟ قال يا رب إني استحيتك ، وقد رواه ابن جرير (١) وابن مردويه من طرق ، عن الحسن عن أبي بن كعب عن النبي صلىاللهعليهوسلم مرفوعا ، والموقوف أصح إسنادا.
وقال عبد الرزاق : عن سفيان بن عيينة وابن المبارك ، أنبأنا الحسن بن عمارة ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته السنبلة ، فلما أكلا منها بدت لهما سوآتهما ، وكان الذي وارى عنهما من سوآتهما أظفارهما ، (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) ورق التين يلزقان بعضه إلى بعض ، فانطلق آدم عليهالسلام موليا في الجنة ، فعلقت برأسه شجرة من الجنة ، فناداه الله يا آدم أمني تفر؟ قال لا ولكني استحيتك يا رب ، قال : أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها مندوحة عما حرمت عليك ، قال : بلى يا رب ولكن وعزتك ما حسبت أن أحدا يحلف بك كاذبا ، قال : وهو قول الله عزوجل (وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) قال : فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيش إلا كدا ، قال : فأهبط من الجنة وكانا يأكلان منها رغدا ، فأهبط إلى غير رغد من طعام وشراب ، فعلم صنعة الحديد وأمر بالحرث فحرث وزرع ثم سقى حتى إذا بلغ حصد ، ثم داسه ثم ذرّاه ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه ثم أكله ، فلم يبلغه حتى بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ (٢).
وقال الثوري : عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) قال : ورق التين (٣). صحيح إليه. وقال مجاهد : جعلا يخصفان عليهما من ورق الجنة ، قال : كهيئة الثوب (٤) ، وقال وهب بن منبه في قوله ينزع عنهما لباسهما ، قال : كان لباس آدم وحواء نورا على فروجهما لا يرى هذا عورة هذه ولا هذه عورة هذا ، فلما أكلا من الشجرة بدت لهما سوآتهما ، رواه ابن جرير (٥) بسند صحيح إليه ، وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن قتادة ، قال : قال آدم أي رب أرأيت إن تبت واستغفرت ، قال : إذا أدخلك الجنة ، وأما إبليس فلم يسأله التوبة وسأله النظرة ، فأعطى كل واحد منهما
__________________
(١) تفسير الطبري ٥ / ٤٥١.
(٢) انظر تفسير الطبري ٥ / ٤٥١ ، ٤٥٢.
(٣) انظر تفسير الطبري ٥ / ٤٥٢.
(٤) انظر تفسير الطبري ٥ / ٤٥٢.
(٥) تفسير الطبري ٥ / ٤٥٢ ، ٤٥٣.