وحدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد ، سمع ابن عباس يقول: الأعراف هو الشيء المشرف (١). وقال الثوري عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس قال : الأعراف سور كعرف الديك (٢). وفي رواية عن ابن عباس : الأعراف جمع تل بين الجنة والنار حبس عليه ناس من أهل الذنوب بين الجنة والنار ، وفي رواية عنه هو سور بين الجنة والنار (٣). وكذا قال الضحاك وغير واحد من علماء التفسير. وقال السدي : إنما سمي الأعراف أعرافا لأن أصحابه يعرفون الناس.
واختلفت عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف من هم؟ وكلها قريبة ترجع إلى معنى واحد وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم ، نص عليه حذيفة وابن عباس وابن مسعود وغير واحد من السلف والخلف رحمهمالله ، وقد جاء في حديث مرفوع رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه : حدثنا عبد الله بن إسماعيل حدثنا عبيد بن الحسين حدثنا سليمان بن داود حدثنا النعمان بن عبد السلام حدثنا شيخ لنا يقال له أبو عباد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمن استوت حسناته وسيئاته فقال «أولئك أصحاب الأعراف لم يدخلوها وهم يطمعون» وهذا حديث غريب من هذا الوجه.
ورواه من وجه آخر عن سعيد بن سلمة عن أبي الحسام عن محمد بن المنكدر عن رجل من مزينة قال سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمن استوت حسناته وسيئاته فقال «إنهم قوم خرجوا عصاة بغير إذن آبائهم فقتلوا في سبيل الله» وقال سعيد بن منصور : حدثنا أبو معشر حدثنا يحيى بن شبل عن يحيى بن عبد الرحمن المزني عن أبيه قال : سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أصحاب الأعراف قال «هم ناس قتلوا في سبيل الله بمعصية آبائهم فمنعهم من دخول الجنة معصية آبائهم ومنعهم من النار قتلهم في سبيل الله» ورواه ابن مردويه وابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن أبي معشر به ، وكذا رواه ابن ماجة مرفوعا من حديث أبي سعيد الخدري وابن عباس ، والله أعلم بصحة هذه الأخبار المرفوعة ، وقصاراها أن تكون موقوفة وفيه دلالة على ما ذكر.
وقال ابن جرير (٤) : حدثني يعقوب حدثنا هشيم أخبرنا حصين عن الشعبي عن حذيفة أنه سئل عن أصحاب الأعراف قال فقال : هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقعدت بهم سيئاتهم عن الجنة وخلفت بهم حسناتهم عن النار ، قال فوقفوا هناك على السور حتى يقضي الله فيهم.
وقد رواه (٥) من وجه آخر أبسط من هذا فقال حدثنا ابن حميد حدثنا يحيى بن واضح حدثنا
__________________
(١) انظر تفسير الطبري ٥ / ٤٩٧.
(٢) انظر تفسير الطبري ٥ / ٤٩٧.
(٣) انظر تفسير الطبري ٥ / ٤٩٨.
(٤) تفسير الطبري ٥ / ٤٩٩.
(٥) تفسير الطبري ٥ / ٤٩٨.