وتعظيما وإجلالا أن يراه أحد في الدنيا إلا مات.
وقوله (تُبْتُ إِلَيْكَ) قال مجاهد أن أسألك الرؤية (١) (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) قال ابن عباس ومجاهد من بني إسرائيل واختاره ابن جرير (٢) وفي رواية أخرى عن ابن عباس (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) أنه لا يراك أحد (٣) وكذا قال أبو العالية قد كان قبله مؤمنون ولكن يقول أنا أول من آمن بك أنه لا يراك أحد من خلقك إلى يوم القيامة ، وهذا قول حسن له اتجاه وقد ذكر محمد بن جرير في تفسيره ها هنا أثرا طويلا فيه غرائب وعجائب عن محمد بن إسحاق بن يسار وكأنه تلقاه من الإسرائيليات والله أعلم.
وقوله (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) فيه أبو سعيد وأبو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فأما حديث أبي سعيد فأسنده البخاري في صحيحه هاهنا فقال حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال جاء رجل من اليهود إلى النبيصلىاللهعليهوسلم قد لطم وجهه ، وقال يا محمد إن رجلا من أصحابك من الأنصار لطم وجهي قال «ادعوه» فدعوه قال «لم لطمت وجهه؟» قال يا رسول الله إني مررت باليهودي فسمعته يقول والذي اصطفى موسى على البشر قال وعلى محمد؟ قال فقلت وعلى محمد وأخذتني غضبة فلطمته فقال «لا تخيروني من بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور» (٤).
وقد رواه البخاري في أماكن كثيرة من صحيحه ومسلم في أحاديث الأنبياء وأبو داود في كتاب السنة من سننه من طرق عن عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي الحسن المازني الأنصاري المدني عن أبيه عن أبي سعيد بن مالك بن سنان الخدري به.
وأما حديث أبي هريرة فقال الإمام أحمد (٥) في مسنده : حدثنا أبو كامل حدثنا إبراهيم بن سعد حدثنا ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال استب رجلان رجل من المسلمين ورجل من اليهود فقال المسلم : والذي اصطفى محمدا على العالمين فقال اليهودي : والذين اصطفى موسى على العالمين فغضب المسلم على اليهودي فلطمه ، فأتى اليهودي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسأله فأخبره فدعاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاعترف بذلك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة
__________________
(١) انظر تفسير الطبري ٦ / ٥٦.
(٢) تفسير الطبري ٦ / ٥٦.
(٣) تفسير الطبري ٦ / ٥٥.
(٤) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٧ ، باب ٢ ، ومسلم في الفضائل حديث ١٦٠ ، وأبو داود في السنة باب ١٣.
(٥) المسند ٢ / ٢٦٤.