أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به ، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه» رواه الإمام أحمد رضي الله عنه بإسناد جيد ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب.
وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي رضي الله عنه قال : إذا سمعتم عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم حديثا فظنوا به الذي هو أهدى والذي هو أهنى والذي هو أتقى ثم رواه عن يحيى عن ابن سعيد عن مسعر عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أبي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه قال إذا حدثتم عن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم حديثا فظنوا به الذي هو أهداه وأهناه وأتقاه.
وقوله (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) أي يحل لهم ما كانوا حرموه على أنفسهم من البحائر والسوائب والوصائل والحام ونحو ذلك مما كانوا ضيقوا به على أنفسهم ويحرم عليهم الخبائث ، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كلحم الخنزير والربا وما كانوا يستحلونه من المحرمات من المأكل التي حرمها الله تعالى (٢).
وقال بعض العلماء فكل ما أحل الله تعالى من المآكل فهو طيب نافع في البدن والدين وكل ما حرمه فهو خبيث ضار في البدن والدين وقد تمسك بهذه الآية الكريمة من يرى التحسين والتقبيح العقليين وأجيب عن ذلك بما لا يتسع هذا الموضع له وكذا احتج بها من ذهب من العلماء ، إلا أن المرجع في حل المآكل التي لم ينص على تحليلها ولا تحريمها إلى ما استطابته العرب في حال رفاهيتها وكذا في جانب التحريم إلى ما استخبثته وفيه كلام طويل أيضا.
وقوله (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) أي أنه جاء بالتيسير والسماحة كما ورد الحديث من طرق عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال «بعثت بالحنيفية السمحة» (٣) وقال صلىاللهعليهوسلم لأميريه معاذ وأبي موسى الأشعري لما بعثهما إلى اليمن «بشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا وتطاوعا ولا تختلفا» (٤) وقال صاحبه أبو برزة الأسلمي : إني صحبت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشهدت تيسيره (٥).
وقد كانت الأمم التي قبلنا في شرائعهم ضيق عليهم ، فوسع الله على هذه الأمة أمورها وسهلها لهم ولهذا قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تقل أو
__________________
(١) المسند ١ / ١٢٢ ، ١٣٠ ، ١٣١ ، ٣٨٥ ، ٤١٥.
(٢) انظر تفسير الطبري ٦ / ٨٥.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ٢٦٦ ، ٦ / ١١٦ ، ٢٣٣.
(٤) أخرجه البخاري في الجهاد باب ١٦٤ ، ومسلم في الجهاد حديث ٧١.
(٥) أخرجه أحمد في المسند ٤ / ٤٢٠ ، ٤٢٣.