بالغلظة عليهم ، واختار هذا القول ابن جرير (١).
وقال غير واحد عن مجاهد في قوله تعالى : (خُذِ الْعَفْوَ) قال : من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تجسس. وقال هشام بن عروة عن أبيه : أمر الله رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس ، وفي رواية قال : خذ ما عفي لك من أخلاقهم ، وفي صحيح البخاري عن هشام عن أبيه عروة عن أخيه عبد الله بن الزبير قال : إنما أنزل (خُذِ الْعَفْوَ) من أخلاق الناس (٢) وفي رواية لغيره عن هشام عن أبيه عن ابن عمر ، وفي رواية عن هشام عن أبيه عن عائشة أنهما قالا مثل لك ، والله أعلم.
وفي رواية سعيد بن منصور عن أبي معاوية عن هشام عن وهب بن كيسان عن أبي الزبير خذ العفو ، قال : من أخلاق الناس ، والله لآخذنه منهم ما صحبتهم ، وهذا أشهر الأقوال ، ويشهد له ما رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم جميعا : حدثنا يونس حدثنا سفيان هو ابن عيينة عن أميّ قال : لما أنزل الله عزوجل على نبيه صلىاللهعليهوسلم (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «ما هذا يا جبريل؟» قال : إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك.
وقد رواه ابن أبي حاتم أيضا عن أبي يزيد القراطيسي كتابة ، عن أصبغ بن الفرج عن سفيان عن أميّ عن الشعبي نحوه ، وهذا مرسل على كل حال ، وقد روي له شواهد من وجوه أخر ، وقد روي مرفوعا عن جابر وقيس بن سعد بن عبادة عن النبي صلىاللهعليهوسلم أسندهما ابن مردويه.
وقال الإمام أحمد (٣) : حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا معاذ بن رفاعة ، حدثني علي بن يزيد عن القاسم بن أبي أمامة الباهلي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : لقيت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فابتدأته ، فأخذت بيده فقلت : يا رسول الله أخبرني بفواضل الأعمال ، فقال «يا عقبة صل من قطعك ، وأعط من حرمك ، وأعرض عمن ظلمك» وروى الترمذي نحوه من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد به. وقال : حسن. قلت : ولكن علي بن يزيد وشيخه القاسم أبو عبد الرحمن فيهما ضعف.
وقال البخاري (٤) : قوله (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) العرف : المعروف ، حدثنا أبو اليمان ، حدثنا شعيب عن الزهري ، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدم عيينة بن حصن بن حذيفة ، فنزل على ابن أخيه
__________________
(١) تفسير الطبري ٦ / ١٥٣.
(٢) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٧ باب ٥ ، وأبو داود في الأدب باب ٤.
(٣) المسند ٤ / ١٤٨.
(٤) كتاب التفسير ، تفسير سورة ٧ ، باب ٥.