طالب : أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن نستشرف العين والأذن ، رواه أهل السنن (١).
وقال مقاتل بن حيان : وقوله (وَلَا الْقَلائِدَ) فلا تستحلّوا وكان أهل الجاهلية إذا خرجوا من أوطانهم في غير الأشهر الحرم ، قلدوا أنفسهم بالشعر والوبر وتقلد مشركوا الحرم من لحاء شجره فيأمنون به ، رواه ابن أبي حاتم ثم قال : حدثنا محمد بن عمار ، حدثنا سعيد بن سليمان ، قال : حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين ، عن الحكم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : نسخ من هذه السورة آيتان آية القلائد وقوله (فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) وحدثنا المنذر بن شاذان حدثنا زكريا بن عدي حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عوف قال : قلت للحسن : نسخ من المائدة شيء؟ قال : لا ، وقال عطاء : كانوا يتقلدون من شجر الحرم فيأمنون فنهى الله عن قطع شجره وكذا قال مطرف بن عبد الله.
وقوله تعالى : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً) أي ولا تستحلوا قتال القاصدين إلى بيت الله الحرام الذي من دخله كان آمنا وكذا من قصده طالبا فضل الله وراغبا في رضوانه فلا تصدوه ولا تمنعوه ولا تهيجوه. قال مجاهد وعطاء وأبو العالية ومطرف بن عبد الله وعبد الله بن عبيد بن عمير والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وقتادة وغير واحد في قوله (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ) يعني بذلك التجارة ، وهذا كما تقدم في قوله (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) [البقرة : ١٩٨]. وقوله (وَرِضْواناً) قال ابن عباس : يترضون الله بحبهم وقد ذكر عكرمة والسدي وابن جرير (٢) أن هذه الآية نزلت في الحطم بن هند البكري كان قد أغار على سرح المدينة فلما كان من العام المقبل اعتمر إلى البيت فأراد بعض الصحابة أن يعترضوا عليه في طريقه إلى البيت فأنزل الله عزوجل (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً).
وقد حكى ابن جرير الإجماع على أن المشرك يجوز قتله إذا لم يكن له أمان وإن أم البيت الحرام أو بيت المقدس وأن هذا الحكم منسوخ في حقهم ، والله أعلم ـ فأما من قصده بالإلحاد فيه والشرك عنده والكفر به فهذا يمنع ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) [التوبة : ٢٨] ولهذا بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام تسع لما أمّر الصديق على الحجيج عليا وأمره أن ينادي على سبيل النيابة عن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ببراءة ، وأن لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان.
وقال ابن أبي طلحة (٣) : عن ابن عباس قوله (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) يعني من توجه قبل البيت
__________________
(١) سنن أبي داود (أضاحي باب ٥) ومسند أحمد ١ / ٩٥.
(٢) تفسير الطبري ٤ / ٣٩٧.
(٣) تفسير الطبري ٤ / ٤٠٠.