رواه ابن جرير.
وروى محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول : لما قتله سقط في يده ، أي ولم يدر كيف يواريه ، وذلك أنه كان فيما يزعمون أول قتيل في بني آدم ، وأول ميت (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ). قال : وزعم أهل التوراة أن قابيل لما قتل أخاه هابيل ، قال له الله عزوجل : يا قابيل أين أخوك هابيل؟ قال : ما أدري ما كنت عليه رقيبا ، فقال الله : إن صوت دم أخيك ليناديني من الأرض الآن ، أنت ملعون في الأرض التي فتحت فاها فتلقت دم أخيك من يدك ، فإن أنت عملت في الأرض فإنها لا تعود تعطيك حرثها حتى تكون فزعا تائها في الأرض (١). وقوله (فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) قال الحسن البصري : علاه الله بندامة بعد خسران.
فهذه أقوال المفسرين في هذه القصة ، وكلهم متفقون على أن هذين ابنا آدم لصلبه ، كما هو ظاهر القرآن ، وكما نطق به الحديث في قوله «إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل» وهذا ظاهر جلي ، ولكن قال ابن جرير (٢) : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا سهل بن يوسف عن عمرو ، عن الحسن هو البصري ، قال : كان الرجلان اللذان في القرآن اللذان قال الله : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِ) من بني إسرائيل ، ولم يكونا ابني آدم لصلبه ، وإنما كان القربان من بني إسرائيل ، وكان آدم أول من مات.
وهذا غريب جدا ، وفي إسناده نظر ، وقد قال عبد الرزاق ، عن معمر عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن ابني آدم عليهالسلام ضربا لهذه الأمة مثلا ، فخذوا بالخير منهما» ورواه ابن المبارك ، عن عاصم الأحول ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن الله ضرب لكم ابني آدم مثلا ، فخذوا من خيرهم ودعوا شرهم» ، وكذا أرسل هذا الحديث بكير بن عبد الله المزني ، روى ذلك كله ابن جرير (٣). وقال سالم بن أبي الجعد : لما قتل ابن آدم أخاه مكث آدم مائة سنة حزينا لا يضحك ، ثم أتى فقيل له : حياك الله وبياك ، أي أضحكك ، رواه ابن جرير (٤) ، ثم قال : حدثنا ابن حميد ، حدثنا سلمة عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي إسحاق الهمداني قال : قال علي بن أبي طالب لما قتل ابن آدم أخاه بكاه آدم فقال : [الوافر]
تغيرت البلاد ومن عليها |
|
فلون الأرض مغبر قبيح |
تغير كل ذي لون وطعم |
|
وقل بشاشة الوجه المليح |
__________________
(١) رواه الطبري ٤ / ٥٣٩ من طريق محمد بن إسحاق بأطول مما هنا.
(٢) تفسير الطبري ٤ / ٥٣٠.
(٣) تفسير الطبري ٤ / ٥٤٠.
(٤) تفسير الطبري ٤ / ٥٣٠.