وميثاق ، فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض ، فخير الله رسوله إن شاء أن يقتل وإن شاء أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، رواه ابن جرير (١).
وروى شعبة عن منصور عن هلال بن يساف ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه قال : نزلت في الحرورية (٢) (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) رواه ابن مردويه.
والصحيح أن هذه الآية عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات ؛ كما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي قلابة واسمه عبد الله بن زيد الجرمي البصري عن أنس بن مالك أن نفرا من عكل ثمانية ، قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فبايعوه على الإسلام ، فاستوخموا (٣) المدينة ، وسقمت أجسامهم فشكوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذلك ، فقال «ألا تخرجون مع راعينا في إبله ، فتصيبوا من أبوالها وألبانها» فقالوا : بلى ، فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها فصحوا ، فقتلوا الراعي ، وطردوا الإبل ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فبعث في آثارهم فأدركوا فجيء بهم ، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم ، وسمرت أعينهم ، ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا ، لفظ مسلم ، وفي لفظ لهما : من عكل أو عرينة ، وفي لفظ : وألقوا في الحرة فجعلوا يستسقون ، فلا يسقون. وفي لفظ لمسلم : ولم يحسمهم ، وعند البخاري قال أبو قلابة : فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم ، وحاربوا الله ورسوله ، ورواه مسلم من طريق هشيم عن عبد العزيز بن صهيب ، وحميد عن أنس ، فذكر نحوه وعنده فارتدوا ، وقد أخرجاه من رواية قتادة عن أنس بنحوه ، وقال سعيد عن قتادة : من عكل وعرينة ، وراه مسلم من طريق سليمان التيمي ، عن أنس قال : إنما سمل النبي صلىاللهعليهوسلم أعين أولئك ، لأنهم سملوا أعين الرعاء ، ورواه مسلم من حديث معاوية بن قرة عن أنس قال : أتى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم نفر من عرينة فأسلموا وبايعوه ، وقد وقع بالمدينة الدم وهو البرسام ، ثم ذكر نحو حديثهم وزاد : عنده شباب من الأنصار قريب من عشرين فارسا فأرسلهم وبعث معهم قائفا يقفو أثرهم وهذه كلها ألفاظ مسلم رحمهالله (٤).
وقال حماد بن سلمة : حدثنا قتادة وثابت البناني وحميد الطويل عن أنس بن مالك أن ناسا من عرينة قدموا المدينة فاجتووها ، فبعثهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم في إبل الصدقة ، وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها ، ففعلوا فصحوا ، فارتدوا عن الإسلام ، وقتلوا الراعي ، وساقوا الإبل ، فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم في آثارهم فجيء بهم فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وسمر أعينهم
__________________
(١) تفسير الطبري ٤ / ٥٤٧.
(٢) هم الخوارج.
(٣) أي لم يوافق مناخها أبدانهم وأمزجتهم.
(٤) انظر صحيح البخاري (ديات باب ٢٢) وصحيح مسلم (قسامة حديث ١٠)