تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ) فقرأ حتى فرغ من الآيتين ، فأرسل إليهما فدعاهما فقال : «إن الله تعالى قد أنزل فيكما» فدعا الرجل فقرأ عليه ، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ، ثم أمر به فأمسك على فيه فوعظه ، فقال له «كل شيء أهون عليه من لعنة الله» ثم أرسله فقال «لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين» ثم دعاها فقرأ عليها ، فشهدت أربع شهادات بالله إنه من الكاذبين ، ثم أمر فأمسك على فيها فوعظها وقال : «ويحك كل شيء أهون من غضب الله» ثم أرسلها فقالت : غضب الله عليها إن كان من الصادقين. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أما والله لأقضين بينكما قضاء فصلا» قال : فولدت فما رأيت مولودا بالمدينة أكثر غاشية منه ، فقال «إن جاءت به لكذا وكذا فهو كذا ، وإن جاءت به لكذا وكذا فهو كذا» فجاءت به يشبه الذي قذفت به.
وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان قال : سمعت سعيد بن جبير قال : سئلت عن المتلاعنين أيفرق بينهما في إمارة ابن الزبير ، فما دريت ما أقول ، فقمت من مكاني إلى منزل ابن عمر فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، المتلاعنان أيفرق بينهما؟ فقال : سبحان الله إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان ، فقال : يا رسول الله أرأيت الرجل يرى امرأته على فاحشة فإن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت على مثل ذلك فسكت فلم يجبه ، فلما كان بعد ذلك أتاه فقال : الذي سألتك عنه قد ابتليت به ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات في سورة النور (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) حتى بلغ (أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فبدأ بالرجل فوعظه وذكره ، وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقال : والذي بعثك بالحق ما كذبتك ، ثم ثنى بالمرأة فوعظها وذكرها ، وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. فقالت المرأة : والذي بعثك بالحق إنه لكاذب ، قال : فبدأ بالرجل ، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، ثم ثنى بالمرأة ، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ، ثم فرق بينهما (٢) ، رواه النسائي في التفسير من حديث عبد الملك بن أبي سليمان به ، وأخرجاه في الصحيحين من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وقال الإمام أحمد (٣) : حدثنا يحيى بن حماد ، حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : كنا جلوسا عشية الجمعة في المسجد ، فقال رجل من الأنصار : أحدنا إذا رأى مع امرأته رجلا إن قتله قتلتموه ، وإن تكلم جلدتموه ، وإن سكت سكت على غيظ ،
__________________
(١) المسند ٢ / ١٩.
(٢) أخرجه البخاري في الطلاق باب ٢٥ ، ومسلم في الطلاق حديث ٤ ، ١٠.
(٣) المسند ١ / ٤٢١ ، ٤٢٢.