تعالى (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى ـ إلى قوله ـ أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النور : ٢٢] فقال أبو بكر : والله إني لأحب أن يغفر الله لي ، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : والله لا أنزعها منه أبدا.
قالت عائشة : وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم سأل زينب بنت جحش زوج النبي صلىاللهعليهوسلم عن أمري ، فقال «يا زينب ماذا علمت أو رأيت؟» فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ، والله ما علمت إلا خيرا ، قالت عائشة : وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم فعصمها الله تعالى بالورع. وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها ، فهلكت فيمن هلك (١).
قال ابن شهاب : فهذا ما انتهى إلينا من أمر هؤلاء الرهط ، أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث الزهري ، وهكذا رواه ابن إسحاق (٢) عن الزهري ، كذلك قال : وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها ، وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري عن عمرة ، عن عائشة بنحو ما تقدم ، والله أعلم.
ثم قال البخاري (٣) : وقال أبو أسامة عن هشام بن عروة قال : أخبرني أبي عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما ذكر من شأني الذي ذكر وما علمت به ، قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيّ خطيبا ، فتشهد فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله. ثم قال : أما بعد أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي (٤) ، وايم الله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، وما علمت على أهلي من سوء وأبنوهم بمن والله ما علمت عليه من سوء قط ولا يدخل بيتي قط إلا وأنا حاضر ، ولا غبت في سفر إلا غاب معي.
فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال : يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ائذن لنا أن نضرب أعناقهم ، فقام رجل من الخزرج وكانت أم حسان بن ثابت من رهط ذلك الرجل ، فقال : كذبت أما والله لو كانوا من الأوس ما أحببت أن تضرب أعناقهم ، حتى كاد أن يكون بين الأوس والخزرج شر في المسجد وما علمت ، فلما كان مساء ذلك اليوم خرجت لبعض حاجتي ومعي أم مسطح ، فعثرت فقالت : تعس مسطح ، فقلت لها : أي أم أتسبين ابنك؟. فسكتت ، ثم عثرت الثانية فقالت : تعس مسطح فقلت لها أي أم تسبين ابنك؟ ثم عثرت الثالثة فقالت : تعس مسطح فانتهرتها ، فقالت : والله ما أسبه إلا فيك ، فقلت : في أي شأني؟
__________________
(١) أخرجه البخاري في الشهادات باب ١٥ ، والمغازي باب ٣٤ ، وتفسير سورة ١٢ ، باب ٣ ، وسورة ٢٤ ، باب ٥ ، والأيمان والنذور باب ١٨ ، والتوحيد باب ٣٥ ، ٥٢ ، ومسلم في فضائل الصحابة حديث ١٥٥ ، والتوبة حديث ٥٦ ، وأبو داود في الصلاة باب ١٢٢.
(٢) سيرة ابن هشام ٢ / ٢٩٧ ، ٣٠٧.
(٣) كتاب التفسير ، تفسير سورة ٢٤ ، باب ٦.
(٤) أبنوا أهل : أي اتهموا أهلي.