وهذا القول لا ينافي القول الأول ، فإن هذا إخبار عن كل الأعمال بأنها باطلة إلا ما أريد به وجه الله تعالى من الأعمال الصالحة المطابقة للشريعة ، والقول الأول مقتضاه أن كل الذوات فانية وزائلة إلا ذاته تعالى وتقدس ، فإنه الأول الآخر الذي هو قبل كل شيء وبعد كل شيء. قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا في كتاب التفكر والاعتبار : حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بكر ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا عمر بن سليم الباهلي ، حدثنا أبو الوليد قال : كان ابن عمر إذا أراد أن يتعاهد قلبه يأتي الخربة ، فيقف على بابها فينادي بصوت حزين ، فيقول أين أهلك؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) وقوله : (لَهُ الْحُكْمُ) أي الملك والتصرف ولا معقب لحكمه (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي يوم معادكم ، فيجزيكم بأعمالكم إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر.
آخر تفسير سورة القصص ولله الحمد والمنة.
__________________
ـ والكتاب ١ / ٣٧ ، ولسان العرب (غفر) ، وتفسير الطبري ١٠ / ١١٩.