إليكم ، فلقيت فارس الروم فغلبتهم فارس ، ففرحت بذلك كفار قريش ، وكرهه المسلمون.
قال عكرمة : ولقي المشركون أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم وقالوا : إنكم أهل كتاب ، والنصارى أهل كتاب ، ونحن أميون ، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخواننا من أهل الكتاب ، وإنكم إن قاتلتمونا لنظهرن عليكم ، فأنزل الله تعالى : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ) فخرج أبو بكر الصديق إلى الكفار فقال : أفرحتم بظهور إخوانكم على إخواننا ، فلا تفرحوا ولا يقرن الله أعينكم ، فو الله ليظهرن الله الروم على فارس ، أخبرنا بذلك نبينا صلىاللهعليهوسلم ، فقام إليه أبي بن خلف فقال : كذبت يا أبا فضيل ، فقال له أبو بكر : أنت أكذب يا عدو الله ، فقال : أناحبك عشر قلائص مني وعشر قلائص منك ، فإن ظهرت الروم على فارس غرمت ، وإن ظهرت فارس غرمت إلى ثلاث سنين ، ثم جاء أبو بكر إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، فقال «ما هكذا ذكرت إنما البضع ما بين الثلاث إلى التسع ، فزايده في الخطر ومادة في الأجل» فخرج أبو بكر فلقي أبيا ، فقال : لعلك ندمت؟ فقال : لا ، تعال أزايدك في الخطر وأمادك في الأجل ، فاجعلها مائة قلوص لمائة قلوص إلى تسع سنين ، قال : قد فعلت ، فظهرت الروم على فارس قبل ذلك ، فغلبهم المسلمون.
قال عكرمة : لما أن ظهرت فارس على الروم ، جلس فرخان يشرب وهو أخو شهريراز ، فقال : لأصحابه : لقد رأيت كأني جالس على سرير كسرى ، فبلغت كسرى ، فكتب كسرى إلى شهريراز : إذا أتاك كتابي فابعث إلى برأس فرخان ، فكتب إليه : أيها الملك إنك لن تجد مثل فرخان له نكاية وصوت في العدو ، فلا تفعل ، فكتب إليه : إن في رجال فارس خلفا منه ، فعجل إلي برأسه. فراجعه ، فغضب كسرى فلم يجبه ، وبعث بريدا إلى أهل فارس : إني قد نزعت عنكم شهريراز واستعملت عليكم فرخان ، ثم دفع إلى البريد صحيفة لطيفة صغيرة ، فقال : إذا ولي فرخان الملك وانقاد إليه أخوه ، فأعطه هذه.
فلما قرأ شهريراز الكتاب قال : سمعا وطاعة ، ونزل عن سريره وجلس فرخان ، ودفع إليه الصحيفة قال : ائتوني بشهريراز ، وقدمه ليضرب عنقه ، قال ، لا تعجل حتى أكتب وصيتي ، قال : نعم ، فدعا بالسفط فأعطاه الصحائف ، وقال : كل هذا راجعت فيك كسرى وأنت أردت أن تقتلني بكتاب واحد ، فرد الملك إلى أخيه شهريراز ، وكتب شهريراز إلى قيصر ملك الروم إن لي إليك حاجة لا تحملها البرد ، ولا تحملها الصحف فالقني ولا تلقني إلا في خمسين روميا ، فإني ألقاك في خمسين فارسيا ، فأقبل قيصر في خمسمائة ألف رومي ، وجعل يضع العيون بين يديه في الطريق.
وخاف أن يكون قد مكر به حتى أتاه عيونه أنه ليس معه إلا خمسون رجلا ، ثم بسط لهما والتقيا في قبة ديباج ضربت لهما ، مع كل واحد منهما سكين فدعيا ترجمانا بينهما ، فقال