فقال «الله أعلم بما كانوا عاملين». قال : فلقيت الرجل فأخبرني ، فأمسكت عن قولي.
ومنهم عياض بن حمار المجاشعي. قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا هشام حدثنا قتادة عن مطرف عن عياض بن حمار أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطب ذات يوم ، فقال في خطبته «إن ربي عزوجل أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني في يومي هذا : كل ما نحلته عبادي حلال ، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم ، وإنهم أتتهم الشياطين فأضلتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم ، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا ، ثم إن الله عزوجل نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ، وقال : إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك ، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء ، تقرؤه نائما ويقظان : ثم إن الله أمرني أن أحرق قريشا ، فقلت : يا رب إذا يثلغ رأسي فيدعه خبزة ، قال : استخرجهم كما استخرجوك ، واغزهم نغزك ، وأنفق عليهم فسننفق عليك ، وابعث جيشا نبعث خمسة مثله ، وقاتل بمن أطاعك من عصاك ـ قال ـ : وأهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط متصدق موفق ، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم ، ورجل عفيف فقير متصدق وأهل النار خمسة : الضعيف الذي لا زبر له الذين هم فيكم تبع لا يبتغون أهلا ولا مالا ، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه ، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك» وذكر البخيل أو الكذاب والشنظير : الفحاش (١). انفرد بإخراجه مسلم ، فرواه من طرق عن قتادة به.
وقوله تعالى : (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) أي التمسك بالشريعة والفطرة السليمة هو الدين القيم المستقيم (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أي فلهذا لا يعرفه أكثر الناس ، فهم عنه ناكبون ، كما قال تعالى : (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) [يوسف : ١٠٣] وقال تعالى : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) [الأنعام : ١١٦] الآية. وقوله تعالى : (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) قال ابن زيد وابن جريج : أي راجعين إليه. (وَاتَّقُوهُ) أي خافوه وراقبوه ، (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) وهي الطاعة العظيمة ، (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أي بل كونوا من الموحدين المخلصين له العبادة لا يريدون بها سواه.
قال ابن جرير (٢) : حدثنا ابن حميد حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا يوسف بن أبي إسحاق عن يزيد بن أبي مريم قال : مر عمر رضي الله عنه بمعاذ بن جبل فقال : ما قوام هذه الأمة؟ قال معاذ : ثلاث وهن المنجيات : الإخلاص وهي الفطرة فطرة الله التي فطر الناس عليها ، والصلاة وهي الملة ، والطاعة وهي العصمة ، فقال عمر : صدقت. حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب عن أبي قلابة أن عمر رضي الله عنه قال لمعاذ : ما قوام هذا الأمر؟ فذكر نحوه (٣).
__________________
(١) أخرجه مسلم في الجنة حديث ٦٣ ، وأحمد في المسند ٤ / ١٦٢ ، ١٦٣.
(٢) تفسير الطبري ١٠ / ١٨٣.
(٣) انظر تفسير الطبري ١٠ / ١٨٣.