وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا عمر عن ثابت عن أنس أو غيره أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم استأذن على سعد بن عبادة فقال «السلام عليك ورحمة الله» فقال سعد : وعليك السلام ورحمة الله ، ولم يسمع النبي صلىاللهعليهوسلم حتى سلم ثلاثا ، ورد عليه سعد ثلاثا ولم يسمعه فرجع النبي صلىاللهعليهوسلم واتبعه سعد فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، ما سلمت تسليمة إلا وهي بأذني ، ولقد رددت عليك ولم أسمعك ، وأردت أن أستكثر من سلامك ومن البركة ، ثم أدخله البيت فقرب إليه زبيبا فأكل نبي الله ، فلما فرغ قال «أكل طعامكم الأبرار ، وصلت عليكم الملائكة ، وأفطر عندكم الصائمون».
وقد روى أبو داود والنسائي من حديث أبي عمرو الأوزاعي سمعت يحيى بن أبي كثير يقول : حدثني محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن قيس بن سعد هو ابن عبادة قال : زارنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في منزلنا فقال «السلام عليكم ورحمة الله» فرد سعد ردا خفيا ، قال قيس : فقلت ألا تأذن لرسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : دعه يكثر علينا من السلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «السلام عليكم ورحمة الله» فرد سعد ردا خفيا ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «السلام عليكم ورحمة الله» ثم رجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، واتبعه سعد فقال : يا رسول الله إني كنت أسمع تسليمك وأرد عليك ردا خفيا لتكثر علينا من السلام. قال فانصرف معه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأمر له سعد بغسل فاغتسل ، ثم ناوله ملحفة مصبوغة بزعفران أو ورس ، فاشتمل بها ثم رفع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يديه وهو يقول «اللهم اجعل صلاتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة». قال : ثم أصاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الطعام ، فلما أراد الانصراف قرب إليه سعد حمارا قد وطئ عليه بقطيفة ، فركب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال سعد : يا قيس اصحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال قيس : فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «اركب» فأبيت ، فقال «إما أن تركب وإما أن تنصرف» قال : فانصرفت (٢) ، وقد روي هذا من وجوه أخر ، فهو حديث جيد قوي ، والله أعلم.
ثم ليعلم أنه ينبغي للمستأذن على أهل المنزل أن لا يقف تلقاء الباب بوجهه ، ولكن ليكن الباب عن يمينه أو يساره لما رواه أبو داود : حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني في آخرين قالوا : حدثنا بقية ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن بسر قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ، ويقول «السلام عليكم ، السلام عليكم» وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور ، تفرد به أبو داود (٣).
وقال أبو داود (٤) أيضا : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ـ (ح) ـ حينئذ ، قال أبو
__________________
(١) المسند ٣ / ١٣٨.
(٢) أخرجه أبو داود في الأدب باب ١٢٨.
(٣) كتاب الأدب باب ١٢٨.
(٤) كتاب الأدب باب ١٢٧.