داود : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا حفص عن الأعمش عن طلحة عن هزيل قال : جاء رجل ، قال عثمان : سعد فوقف على باب النبي صلىاللهعليهوسلم يستأذن فقام على الباب قال عثمان : مستقبل الباب ، فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم «هكذا عنك ـ أو هكذا ـ فإنما الاستئذان من النظر» وقد رواه أبو داود الطيالسي عن سفيان الثوري عن الأعمش عن طلحة بن مصرف عن رجل عن سعد عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، رواه أبو داود من حديثه.
وفي الصحيحين عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال «لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه ، ما كان عليك من جناح» (١) وأخرج الجماعة من حديث شعبة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال : أتيت النبي صلىاللهعليهوسلم في دين كان على أبي فدققت الباب ، فقال «من ذا؟» فقلت : أنا ، قال «أنا أنا» كأنه كرهه (٢) ، وإنما كره ذلك لأن هذه اللفظة لا يعرف صاحبها حتى يفصح باسمه أو كنيته التي هو مشهور بها ، وإلا فكل أحد يعبر عن نفسه بأنا ، فلا يحصل بها المقصود من الاستئذان الذي هو الاستئناس المأمور به في الآية ، وقال العوفي عن ابن عباس : الاستئناس الاستئذان ، وكذا قال غير واحد ،
وقال ابن جرير (٣) : حدثنا ابن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في هذه الآية (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا) قال : إنما هي خطأ من الكاتب حتى تستأذنوا وتسلموا ، وهكذا رواه هشيم عن أبي بشر ـ وهو جعفر بن إياس ـ به عن سعيد عن ابن عباس بمثله ، وزاد : كان ابن عباس يقرأ حتى تستأذنوا وتسلموا وكان يقرأ على قراءة أبيّ بن كعب رضي الله عنه ، وهذا غريب جدا عن ابن عباس ، وقال هشيم : أخبرنا مغيرة عن إبراهيم قال : في مصحف ابن مسعود حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا ، وهذا أيضا رواية عن ابن عباس وهو اختيار ابن جرير.
وقد قال الإمام أحمد (٤) : حدثنا روح ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني عمرو بن أبي سفيان أن عمرو بن أبي صفوان أخبره أن كلدة بن الحنبل أخبره أن صفوان بن أمية بعثه في الفتح بلبأ (٥) وجداية (٦) وضغابيس (٧) ، والنبي صلىاللهعليهوسلم بأعلى الوادي ، قال : فدخلت على النبي صلىاللهعليهوسلم ولم أسلم ولم أستأذن ، فقال صلىاللهعليهوسلم «ارجع فقل السلام عليكم أأدخل؟» وذلك بعد ما أسلم
__________________
(١) أخرجه البخاري في الديات باب ١٥ ، ومسلم في الأدب حديث ٤٤.
(٢) أخرجه البخاري في الاستئذان باب ١٧ ، وأبو داود في الأدب باب ١٢٨ ، وأحمد في المسند ٣ / ٣٦٣.
(٣) تفسير الطبري ٩ / ٢٩٦.
(٤) المسند ٤ / ٤١٤.
(٥) اللبأ : أول ما يحلب عند الولادة.
(٦) الجداية : من أولاد الضباء ما بلغ ستة أشهر أو سبعة ، ذكرا كان أو أنثى.
(٧) الضغابيس ، جمع ضغبوس : صغار القثاء.