[حديث آخر] قال الإمام أحمد (١) : قرأت على عبد الرحمن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرو بن سليم أنه قال : أخبرني أبو حميد الساعدي أنهم قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال «قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته ، كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد» (٢) وقد أخرجه بقية الجماعة سوى الترمذي من حديث مالك به.
[حديث آخر] قال مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال : قرأت على مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر أخبرني محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري قال : وعبد الله بن زيد هو الذي كان أري النداء بالصلاة ، أخبره عن أبي مسعود الأنصاري قال : أتانا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة ، فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله ، فكيف نصلي عليك؟ قال : فسكت رسول الله حتى تمنينا أنه لم يسأله ، ثم قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم» (٣) وقد رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير من حديث مالك به. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم في مستدركه من حديث محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، عن أبي مسعود البدري أنهم قالوا : يا رسول الله أما السلام فقد عرفناه ، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا؟ فقال «قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد» وذكره ورواه الشافعي رحمهالله في مسنده عن أبي هريرة بمثله ، ومن هاهنا ذهب الشافعي رحمهالله إلى أنه يجب على المصلي أن يصلي على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في التشهد الأخير ، فإن تركه لم تصح صلاته.
وقد شرع بعض المتأخرين من المالكية وغيرهم يشنع على الإمام الشافعي في اشتراطه ذلك في الصلاة ، ويزعم أنه قد تفرد بذلك ، وحكى الإجماع على خلافه أبو جعفر الطبري والطحاوي والخطابي وغيرهم فيما نقله القاضي عياض عنهم ، وقد تعسف هذا القائل في رده على الشافعي ، وتكلف في دعواه الإجماع في ذلك ، وقال ما لم يحط به علما ، فإنا قد روينا وجوب ذلك والأمر بالصلاة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الصلاة ، كما هو ظاهر الآية ، ومفسر بهذا
__________________
(١) المسند ٥ / ٤٢٤.
(٢) أخرجه البخاري في الأنبياء باب ١٠ ، ومسلم في الصلاة حديث ٦٦.
(٣) أخرجه أبو داود في الصلاة باب ١٧٩ ، ومسلم في الصلاة حديث ٦٩ ، والنسائي في السهو باب ٥١ ، وأحمد في المسند ٤ / ١١٩.