الحديث عن جماعة من الصحابة منهم ابن مسعود وأبو مسعود البدري وجابر بن عبد الله ، ومن التابعين : الشعبي وأبو جعفر الباقر ومقاتل بن حيان ، وإليه ذهب الشافعي لا خلاف عنه في ذلك ولا بين أصحابه أيضا ، وإليه ذهب الإمام أحمد أخيرا فيما حكاه عنه أبو زرعه الدمشقي به ، وبه قال إسحاق بن راهويه والفقيه الإمام محمد بن إبراهيم المعروف بابن المواز المالكي رحمهمالله ، حتى إن بعض أئمة الحنابلة أوجب أن يقال في الصلاة عليه صلىاللهعليهوسلم كما علمهم أن يقولوا لما سألوه ، وحتى إن بعض أصحابنا أوجب الصلاة على آله فيما حكاه البندنيجي وسليم الرازي وصاحبه نصر بن إبراهيم المقدسي ، ونقله إمام الحرمين وصاحبه الغزالي قولا عن الشافعي. والصحيح أنه وجه على أن الجمهور على خلافه ، وحكوا الإجماع على خلافه ، وللقول بوجوبه ظواهر الحديث والله أعلم.
والغرض أن الشافعي رحمهالله يقول بوجوب الصلاة على النبي صلىاللهعليهوسلم في الصلاة سلفا وخلفا كما تقدم ، ولله الحمد والمنة ، فلا إجماع على خلافه في هذه المسألة لا قديما ولا حديثا ، والله أعلم. ومما يؤيد ذلك الحديث الآخر الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ، والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما من رواية حيوة بن شريح المصري عن أبي هانئ حميد بن هانئ عن عمرو بن مالك أبي علي الجنبي عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : سمع رسول اللهصلىاللهعليهوسلم رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله ولم يصل على النبي ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «عجل هذا» ثم دعاه فقال له أو لغيره «إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد الله عزوجل والثناء عليه ، ثم ليصل على النبي ثم ليدع بعد بما شاء» (١) وكذا الحديث الذي رواه ابن ماجة من رواية عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال «لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ، ولا صلاة لمن لم يصل على النبي ، ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار» (٢) ولكن عبد المهيمن هذا متروك وقد رواه الطبراني من رواية أخيه أبي بن عباس ، ولكن في ذلك نظر ، وإنما يعرف من رواية عبد المهيمن ، والله أعلم.
[حديث آخر] قال الإمام أحمد (٣) : حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا إسماعيل عن أبي داود الأعمى عن بريدة قال : قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك ، فكيف نصلي عليك؟ قال «قولوا : اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد ، كما جعلتها على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد» أبو داود الأعمى اسمه نفيع بن الحارث ، متروك.
[حديث آخر] موقوف. رويناه من طريق سعيد بن منصور ويزيد بن هارون وزيد بن
__________________
(١) أخرجه أبو داود في الوتر باب ٢٣ ، وأحمد في المسند ٦ / ١٨.
(٢) أخرجه ابن ماجة في الطهارة باب «ما جاء في التسمية في الوضوء».
(٣) المسند ٥ / ٣٥٣.