وقال ابن جرير (١) : حدثنا يونس ، حدثنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قول الله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) الآية ، قال : إن الله تعالى عرض عليهن الأمانة أن يفترض عليهن الدين ويجعل لهن ثوابا وعقابا ، ويستأمنهن على الدين ، فقلن لا ، نحن مسخرات لأمرك لا نريد ثوابا ولا عقابا ، قال : وعرض الله تبارك وتعالى على آدم فقال : بين أذني وعاتقي ، قال ابن زيد : قال الله تعالى له : أما إذا تحملت هذا فسأعينك ، أجعل لبصرك حجابا فإذا خشيت أن تنظر إلى ما لا يحل لك ، فأرخ عليه حجابه واجعل للسانك بابا وغلقا ، فإذا خشيت فأغلق ، وأجعل لفرجك لباسا فلا تكشفه إلا على ما أحللت لك.
وقال ابن جرير (٢) : حدثني سعيد بن عمرو السكوني ، حدثنا بقية ، حدثنا عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير رضي الله عنه ، وكان من أصحاب النبيصلىاللهعليهوسلم ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الأمانة والوفاء نزلا على ابن آدم مع الأنبياء فأرسلوا به ، فمنهم رسول الله ، ومنهم نبي ، ومنهم نبي رسول ، ونزل القرآن وهو كلام الله ، وأنزلت العجمية والعربية ، فعلموا أمر القرآن ، وعلموا أمر السنن بألسنتهم ، ولم يدع الله تعالى شيئا من أمره مما يأتون وما يجتنبون وهي الحجج عليهم إلا بينه لهم ، فليس أهل لسان إلا وهم يعرفون الحسن والقبيح ، ثم الأمانة أول شيء يرفع ويبقى أثرها في جذور قلوب الناس ، ثم يرفع الوفاء والعهد والذمم وتبقى الكتب ، فعالم يعمل وجاهل يعرفها وينكرها ولا يحملها ، حتى وصل إليّ وإلى أمتي ، ولا يهلك على الله إلا هالك ، ولا يغفله إلا تارك ، فالحذر أيها الناس ، وإياكم والوسواس الخناس ، فإنما يبلوكم أيكم أحسن عملا» هذا حديث غريب جدا ، وله شواهد من وجوه أخرى.
ثم قال ابن جرير (٣) : حدثنا محمد بن خلف العسقلاني ، حدثنا عبيد الله بن عبيد المجيد الحنفي ، حدثنا أبو العوام القطان ، حدثنا قتادة وأبان بن أبي عياش عن خليد العصري ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «خمس من جاء بهن يوم القيامة مع إيمان دخل الجنة : من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن ، وأعطى الزكاة من ماله طيب النفس بها ـ وكان يقول ـ وايم الله لا يفعل ذلك إلا مؤمن وأدى الأمانة». قالوا : يا أبا الدرداء وما أداء الأمانة؟ قال رضي الله عنه : الغسل من الجنابة ، فإن الله تعالى لم يأمن ابن آدم على شيء من دينه غيره ، وهكذا رواه أبو داود عن محمد بن عبد الرحمن العنبري ، عن أبي علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي ، عن أبي العوام عمران بن داود القطان به.
وقال ابن جرير (٤) أيضا : حدثنا تميم بن المنتصر ، أخبرنا إسحاق عن شريك عن الأعمش،
__________________
(١) تفسير الطبري ١٠ / ٣٤٠ ، ٣٤١.
(٢) تفسير الطبري ١٠ / ٣٤٠.
(٣) تفسير الطبري ١٠ / ٣٤٠.
(٤) تفسير الطبري ١٠ / ٣٤١.