عن عبد الله بن السائب عن زاذان عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، عن النبيصلىاللهعليهوسلم أنه قال : «القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها ـ أو قال ـ يكفر كل شيء إلا الأمانة ، يؤتى بصاحب الأمانة فيقال له : أد أمانتك ، فيقول أني يا رب وقد ذهبت الدنيا؟ فيقال له : أد أمانتك ، فيقول أني يا رب وقد ذهبت الدنيا؟ فيقال له : أد أمانتك ، فيقول أني يا رب وقد ذهبت الدنيا؟. فيقول : اذهبوا به إلى أمه الهاوية ، فيذهب به إلى الهاوية ، فيهوي فيها حتى ينتهي إلى قعرها فيجدها هنالك كهيئتها ، فيحملها فيضعها على عاتقه فيصعد بها إلى شفير جهنم ، حتى إذا رأى أنه قد خرج زلت قدمه فهوى في أثرها أبد الآبدين» قال : والأمانة في الصلاة ، والأمانة في الصوم والأمانة في الوضوء ، والأمانة في الحديث ، وأشد ذلك الودائع ، فلقيت البراء فقلت : ألا تسمع ما يقول أخوك عبد الله؟ فقال : صدق.
وقال شريك : وحدثنا عياش العامري عن زاذان عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم بنحوه ، ولم يذكر الأمانة في الصلاة وفي كل شيء ، إسناده جيد ، ولم يخرجوه.
ومما يتعلق بالأمانة الحديث الذي رواه الإمام أحمد (١) : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم حديثين قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر ، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ، ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة. ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال : ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه ، فيظل أثرها مثل أثر المجل (٢) كجمر دحرجته على رجلك ، تراه منتبرا (٣) وليس فيه شيء ـ قال : ثم أخذ حصى فدحرجه على رجله قال ـ فيصبح الناس يتبايعون لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال إن في بني فلان رجلا أمينا ، حتى يقال للرجل ما أجلده وأظرفه وأعقله وما في قلبه حبة خردل من إيمان ، ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت إن كان مسلما ليردنه علي دينه ، وإن كان نصرانيا أو يهوديا ليردنه علي ساعيه ، فأما اليوم فما كنت أبايع منكم إلا فلانا وفلانا (٤). وأخرجاه في الصحيحين من حديث الأعمش به.
وقال الإمام أحمد (٥) : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا. حفظ أمانة ، وصدق حديث ، وحسن خليقة ، وعفة طعمة» هكذا رواه الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما ، وقد قال الطبراني في مسنده
__________________
(١) المسند ٥ / ٣٨٣.
(٢) يقال : مجلت يده ؛ إذا ثخن جلدها وتعجر ، وظهر فيها ما يشبه البثور من العمل بالأشياء الصلبة الخشنة.
(٣) الانتبار : التورم والانتفاخ.
(٤) أخرجه البخاري في الفتن باب ١٣ ، ومسلم في الإيمان حديث ٢٣٠.
(٥) المسند ٢ / ١٧٧.