[فصلت : ٢] وقوله : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [غافر : ٢] وهذا المخبر عنه بأنه من الله على نوعين ، لأنه أما أن يكون عينا من الاعيان أو وصفا قائما بالعين فإن كان عينا فمعنى كونه من الله انه هو خالقه سبحانه كما في قوله تعالى : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ) [النساء : ٧٩] وقوله : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) [النساء : ٧٨] وقوله : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) [الجاثية : ١٣] وقوله تعالى عن عيسى عليهالسلام : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) [النساء : ١٧١] والآيات كثيرة في هذا الباب.
وان كان وصفا فمعنى كونه من الله انه صفة له كما في الآيات السابقة التي أخبر الله فيها عن القرآن بأنه منه ، وهذا معنى قول المؤلف : والوصف بالمجرور قام ، يعني أن ما أخبر عنه بمن أن كان وصفا فهو قائم بالمجرور بها لأنه أحق به في عرف أهل اللغات جميعا.
ومثل ذلك تماما يقال فيما يضاف الى الله عزوجل ، فان كان عينا مثل بيت الله وناقة الله وعباد الرحمن ، فنسبته إليه ثابتة خلقا وملكا ، وتكون اضافته للاختصاص ، والتشريف. وأما ان كان وصفا كعلم الله وقدرته وارادته وكلامه وحياته ، فهذه الاضافة تقتضي قيامها بالله وانه موصوف بها ، وتدبر هذا الفرق بين قولك بيت الله وعلم الله ، فان كلا منهما يضاف الى الله ولكن لما كانت اضافة الأول اضافة ذات دلت على أنه مخلوق ، ولما كانت اضافة الثاني اضافة معنى دلت على أنه صفة للمضاف إليه ، ولهذا لما اهتدى السلف لهذا الفرق هدوا الى الصراط المستقيم ، ولما ضل عنه الجهمي الزائغ جعل الجميع بابا واحدا ، ولم يفرق بين الأوصاف والأعيان ، فوقع في الضلال والبهتان.
* * *
وأتى ابن حزم بعد ذاك فقال ما |
|
للناس قرآن ولا اثنان |
بل أربع كل يسمى بالقرآ |
|
ن وذاك قول بين البطلان |