هذا ما يزعمه الفلاسفة. ومن العجيب أن يجاري عالم مسلم لقب بحجة الاسلام واشتغل بالرد على هؤلاء المتفلسفة ، وهو الغزالي ، هؤلاء الضلال في تلك الضلالة فيبيح التأويل للخاصة ويمنع منه العامة ، ويؤلف في ذلك كتابا يسميه (الجام العوام عن علم الكلام) ولو أنصف نفسه لكانت عنده أحق بهذا اللجام من سائر الأنام ولله في خلقه حكمة لا ترام.
* * *
لكن حقيقة قولهم ان قد اتوا |
|
بالكذب عند مصالح الانسان |
والفيلسوف وذا الرسول لديهم |
|
متفاوتان وما هما عدلان |
أما الرسول ففيلسوف عوامهم |
|
والفيلسوف نبي ذي البرهان |
والحق عندهم ففيما قاله |
|
اتباع صاحب منطق اليونان |
ومضى على هذه المقالة أمة |
|
خلف ابن سينا فاغتذوا بلبان |
منهم نصير الكفر في أصحابه |
|
الناصرين لملة الشيطان |
فأسأل بهم ذا خبرة تلقاهم |
|
أعداء كل موحد رباني |
وأسأل بهم ذا خبرة تلقاهم |
|
اعداء رسل الله والقرآن |
الشرح : يعني أن حقيقة قول هؤلاء المتفلسفة أن الرسل لم يخاطبوا العامة بالحق الصريح. وأنهم انما جاءوا به في اثواب مزورة مموهة هو نسبة هؤلاء الرسل عليهم الصلاة والسلام إلى الكذب ، ولكنهم يقولون انهم كذبوا للمصلحة ، لأن غرضهم هو تنظيم أحوال العامة واصلاح معاشهم ، ولا شك أن هذا منهم كفر بالرسل وبالشرائع وقدح في العصمة الواجبة للأنبياء.
ومن كفرهم أيضا أنهم يجعلون الفيلسوف فوق منزلة الرسول ، ويقولون أن الرسل انما بعثوا للعامة ، فهم فلاسفة العوام ، ولكن الفيلسوف هو نبي أصحاب العقول من الخاصة الذين يطلبون الحقائق بالبراهين. والحق عندهم فيما قاله أرسطو صاحب المنطق وأتباعه من المشائين ، لا فيما قاله رسل رب العالمين.
هذا ما قاله ابن سينا ، ذلك الفيلسوف الملحد ، ومضت عليه أمة من بعده