وكل كلام في الوجود كلامه |
|
سواء علينا نثره ونظامه |
وحسبك من مذهب قبحا وشناعة أن يجعل الله عزوجل هو المتكلم بكلام سائر الخلق من جن وأنس وغيرهما ، مع اشتمال هذا الكلام على أنواع من القبائح والمنكرات لا يعقل صدورها عن الحق جل شأنه ، كالزور والكذب ، والشتم والسب ، وقذف المحصنات ، وأنواع الأغاني بما فيها من فحش وخلاعة ، والنياحة ورقي السحر وتعازيمه ، وما إلى ذلك من البهتان والهذيان ، فيقول عاقل أن هذا الكلام الباطل صادر عن الله؟ وهو الذي لا يأمر بالفحشاء ، وهو الذي تمت كلماته صدقا وعدلا لا مبدلا لكلامه ، وهو الذي قوله الحق وله الملك ، ولكن هؤلاء الزنادقة من الاتحادية يلزمهم أن يقولوا ذلك بناء على أصلهم الخبيث الذي أقاموا عليه بناءهم المكسح المنهار.
* * *
اذ أصلهم أن الاله حقيقة |
|
عين الوجود وعين ذي الأكوان |
فكلامها وصفاتها هو قوله |
|
وصفاته ما هاهنا قولان |
وكذاك قالوا أنه الموصوف بالض |
|
دين من قبح ومن إحسان |
وكذلك قد وصفوه أيضا بالكما |
|
ل وضده من سائر النقصان |
هذي مقالات الطوائف كلها |
|
حملت أليك رخيصة الأثمان |
وأظن لو فتشت كتب الناس ما |
|
ألفيتها أبدا بذا التبيان |
زفت أليك فإن يكن لك ناظر |
|
أبصرت ذات الحسن والاحسان |
الشرح : يعني أن الأصل والمبدأ الذي اتفق عليه هؤلاء الاتحادية والذي بنوا عليه كل شناعاتهم أن الاله في الحقيقة هو عين هذا الوجود الظاهر ، وهو عين هذه الأكوان المخلوقة ، وحينئذ فيكون كلام هذه المخلوقات وصفاتها هي عين كلامه وصفاته ، اذ كانت هي عينه ، ويكون كذلك هو نفسه الموصوف بالضدين حين يقال هذا حسن وهذا قبيح ، اذ ليس ثمة غيره ، ويكون أيضا هو الموصوف بالكمال وضده وهو النقص ، لأنه عين الموصوف بكل منهما ، فهو