اثبات لدوام فعله سبحانه واستمراره في أوقات الزمان كلها بلا بداية ولا انقطاع.
* * *
وكذا الإمام الدارمي فإنه |
|
قد قال ما فيه هدى الحيران |
قال الحياة مع الفعال كلاهما |
|
متلازمان فليس يفترقان |
صدق الإمام فكل حي فهو |
|
فعال وذا في غاية التبيان |
إلا إذا ما كان ثم موانع |
|
من آفة أو قاسر الحيوان |
والرب ليس لفعله من مانع |
|
ما شاء كان بقدرة الديان |
ومشيئة الرحمن لازمة له |
|
وكذاك قدرة ربنا الرحمن |
الشرح : وممن نص على دوام فاعلية الرب ، وأنه لم يعطل عنها في وقت من الأوقات ـ الإمام الكبير عثمان بن سعيد الدارمي ـ المشهور في رده على الجهمية والقدرية ، وقد قال في هذا كلاما جيدا ، وأدلى بحجة قوية ، مبناها على أن الفعل لازم للحياة ، فكل حي لا بد أن يكون فعالا ، وما ليس بفعال فهو ليس بحي ، فالحياة والفعل متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر في الوجود ، اللهم إلا إذا وجد مانع يمنع الحي من الفعل من آفة تصيبه أو قاسر يقسره ، وذلك لا يتصور في حقه سبحانه فإن حياته أكمل حياة فيجب أن تستلزم أكمل الأفعال ويستحيل أن تطرأ عليه آفة يعجز معها عن الفعل كما لا يتصور أن يقسره قاسر ويكرهه على عدم الفعل بل ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، فالمشيئة لازمة له لا مكره له ولا غالب ، والقدرة كذلك من صفاته اللازمة فلا يعتريه وهن ولا عجز ولا قصور ، ومع نفوذ المشيئة وتمام القدرة وانتفاء كل الموانع التي تمنع من تعلقها بالممكن لا يتصور التعطيل عن الفعل ، فثبت أنه سبحانه لم يزل فعالا لأنه لم يزل حيا قادرا مريدا.
* * *
هذا وقد فطر الإله عباده |
|
ان المهيمن دائم الإحسان |