الفرق بنظر ولا برهان والا فمن ادعى ذلك الفرق فليبينه لنا بيانا يرتضيه العقل. وقد سوى بينهما الجهم بن صفوان وأبو الهذيل العلاف لكن لا في الثبوت والامكان بل في الانكار والبطلان فحكموا بامتناع كل منهما ، وبنوا على هذا حكمهم الجائر بفناء الجنة والنار وأهلهما ، فالجهم حكم بفناء الذات ، وأما أبو الهذيل فقال بانقطاع الحركات ، وقد سبق الكلام على ذلك فلا نطيل فيه.
* * *
وأبو علي وابنه والأشعري |
|
وبعده ابن الطيب الرباني |
وجميع أرباب الكلام الباطل ال |
|
مذموم عند أئمة الإيمان |
فرقوا وقالوا ذاك فيما لم يزل |
|
حق وفي أزل بلا امكان |
قالوا لأجل تناقض الأزلي وال |
|
أحداث ما هذان يجتمعان |
لكن دوام الفعل في مستقبل |
|
ما فيه محذور من النكران |
الشرح : انقسم الناس في تسلسل الحوادث والآثار الى ثلاث طوائف فأهل السنة والجماعة ذهبوا الى امكانه في جانب الماضي والمستقبل جميعا بلا فارق ، وذهب الجهم وأبو الهذيل الى القول بامتناعه في جانب الماضي والمستقبل جميعا كما تقدم. وأما أبو علي الجبائي المعتزلي شيخ الجبائية وولده أبو الحسن الأشعري وتلميذه أبو بكر الباقلاني وجميع أهل الكلام الباطل المذموم ففرقوا بينهما فذهبوا الى جوازه في جانب المستقبل وبامتناعه في جانب الأزل وكانت شبهتهم في ذلك أن الدليل القطعي قد قام على حدوث العالم بجميع أجزائه والقول بتسلسل الحوادث في جانب الأزل بلا بداية معناه القول بقدم العالم ، والقدم والحدوث نقيضان لا يجتمعان لهذا منعوا دوام الفعل في الماضي لما يلزمه من قدم المفعول ، وأما دوام الفعل في المستقبل وتسلسله الى غير نهاية ، فهذا لا محذور فيه ولا يقتضي الدليل انكاره ، فالعقل يجيز أن يكون بعد كل حادث حادث دون انقطاع في جانب الابد.
ومن شبههم أيضا انه إذا كان كل فرد من أفراد الفعل حادثا ، فكيف يكون