يمكن أن يقال انه لا داخل ولا خارج ، وأما الموجود الذي له ذات متحققة ثابتة إذا نسب الى موجود آخر متحقق الذات فلا بد من أحد هذين الامرين ، أما أن يكون أحدهما داخلا في الآخر أو خارجا عنه فلا يصح في العقل أبدا أن يكون هناك ذاتان كل منهما قائمة بنفسها لا بغيرها ، ومع ذلك لا توصف كل منهما عند نسبتها الى الأخرى بأنها ، أما مباينة لها منفصلة عنها أو مجانسة لها داخلة فيها ، بل أحد هذين الوصفين ضروري تحكم به بداهة العقل والخلو عنهما معا من أمحل المحال.
* * *
فلئن زعمتم أن ذلك في الذي |
|
هو قابل من جسم أو جسمان |
والرب ليس كذا فنفي دخوله |
|
وخروجه ما فيه من بطلان |
فيقال هذا أولا من قولكم |
|
دعوى مجردة بلا برهان |
ذاك اصطلاح من فريق فارقوا ال |
|
وحي المبين بحكمة اليونان |
والشيء يصدق نفيه عن قابل |
|
وسواه في معهود كل لسان |
أنسيت نفي الظلم عنه وقولك ال |
|
ظلم المحال وليس ذا امكان |
ونسيت نفي النوم والسنة التي |
|
ليست لرب العرش في الامكان |
ونسيت نفي الطعم عنه وليس ذا |
|
مقبولة والنفي في القرآن |
ونسيت نفي ولادة أو زوجة |
|
وهما على الرحمن ممتنعان |
الشرح : يشير المؤلف في هذه الأبيات الى جواب هؤلاء المعطلة عما تقضي به ضرورة العقل من وجود الاتصاف بأحد النقيضين ، واستحالة الخلو عنهما معا ، وملخص هذا الجواب أن ذلك انما يكون بالنسبة الى ما هو قابل للاتصاف بالشيء أو بنقيضه ، فهو الذي يجب في حقه الاتصاف بأحدهما ويستحيل خلوه عنهما ، فلا يصح أن يقال مثلا أن هذين الجسمين ليسا متصلين ولا منفصلين لأن الجسم قابل للاتصال والانفصال فلا بد له من أحدهما ولكن الرب سبحانه ليس من شأنه أن يتصف بالدخول ولا بنقيضه فيجوز حينئذ نفيهما عنه معا ولا يترتب على ذلك محال.