الله عزوجل قد وصف الجماد في كتابه بالموت والصمم والعمى ونفي عنه الشعور والنطق والقدرة على الخلق قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ* أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) [النحل : ٢٠ ، ٢١] وقال (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها) [الأعراف : ١٩٥] وقال حكاية عن إبراهيم في سورة [مريم : ٤٢](يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) ومعلوم أن الجماد غير قابل للاتصاف بملكات هذه الأعدام من الحياة والسمع والبصر الخ. ومع ذلك جاز اتصافه بهذه الأعدام.
ويقال لهؤلاء أيضا لو سلمنا لكم بصحة هذا الشرط وهو قابلية الموصوف للاتصاف ، وأن غير القابل يجوز خلوه عن الشيء ومقابلة فإنما يكون ذلك في الضدين اللذين قد يرتفعان معا عن الشيء مثل البياض والسواد ولا يجوز في النقيضين اللذين لا يرتفعان ولا يجتمعان ومعلوم أن التقابل بين دخوله سبحانه في العالم وبين مباينته له هو من قبيل التقابل بين النقيضين فلا بد من ثبوت أحدهما له.
ويقال لهؤلاء أيضا أن نفيكم عنه قبول أحد هذين الوصفين الدخول والخروج من شأنه أن ينفي امكان وجوده فضلا عن أن يكون واجب الوجود بل هذا يجعله من قبيل المعدوم الممتنع وهو يشبه في الفساد نفي القيام بالنفس والقيام بالغير عنه بحجة أنه ليس من شأنه الاتصاف بواحد منهما مع أن العقل والفطرة يقضيان بأن كل موجود فأما أن يكون قائما بنفسه أو قائما بغيره ، فإذا استحال أن يقوم بغيره وجب أن يكون قائما بنفسه.
* * *
فإذا المعطل قال أن قيامه |
|
بالنفس أو بالغير ذو بطلان |
إذ ليس يقبل واحد من ذينك ال |
|
أمرين الا وهو ذو امكان |
جسم يقوم بنفسه أيضا كذا |
|
عرض يقوم بغيره اخوان |