فصل
هذا وثالث عشرها اخباره |
|
انا نراه بجنة الحيوان |
فسل المعطل هل نرى من تحتنا |
|
أم عن شمائلنا وعن أيمان |
أم خلفنا وأمامنا سبحانه |
|
أم هل نرى من فوقنا ببيان |
يا قوم ما في الأمر شيء غير ذا |
|
أو أن رؤيته بلا إمكان |
اذ رؤية لا في مقابلة من الرائي محال ليس في الامكان ومن ادعى شيئا سوى ذا كان دعواه مكابرة على الأذهان الشرح : هذا هو الوجه الثالث عشر وهو ما وردت به النصوص الصريحة من الكتاب والسنة بأن المؤمنين يرون الله عزوجل يوم القيامة في الجنة قال تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦] وقد صح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه فسر تلك الزيادة بأنها النظر الى وجه الله ـ وقال تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة : ٢٣] وقال : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ
__________________
يقصده. وملجأ يلجأ إليه ، وأما تعبده باسمه (الباطن) فأمر يضيق نطاق التعبير عن حقيقته ، ويكل اللسان عن وصفه ، فإنه يستلزم معرفة بريئة من شوائب التعطيل مخلصة من فرث التشبيه ، منزهة عن رجس الحلول والاتحاد ، وعبارة مؤدبة للمعنى ، كاشفة عنه ، وذوقا صحيحا ، سليما من أذواق أهل الانحراف.
وباب هذه المعرفة والتعبد هو معرفة عظمة الرب سبحانه ، واحاطته بالعالم ، وأن العوالم كلها في قبضته ، وأن السموات السبع والأرضين السبع في يده كخردلة في يد العبد قال تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ) [الإسراء : ٦٠] وقال : (وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) [البروج : ٢٠] ولهذا يقرن سبحانه بين هذين الاسمين ، الدالين على هذين المعنيين ، اسم العلو الدال على أنه (الظاهر) وأنه لا شيء فوقه ، واسم العظمة الدال على الاحاطة ، وأنه لا شيء دونه كما قال تعالى : (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) وقال تعالى : (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) وقال : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ، فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة : ١١٥] وهو تبارك وتعالى كما أنه العالي على خلقه بذاته فليس فوقه شيء ، فهو الباطن بذاته فليس دونه شيء ، بل ظهر على كل شيء فكان فوقه ، وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه ، وهو محيط به ، حيث لا يحيط الشيء بنفسه ، وكل في قبضته ، وليس شيء في قبضة نفسه ، فهذا أقرب لاحاطة العامة.