لَمَحْجُوبُونَ) [المطففين : ١٥] فدل حجب الكفار عن رؤيته على ثبوتها للمؤمنين. وأما أحاديث الرؤية فتشبه أن تكون متواترة في المعنى لكثرتها واشتهارها ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام «انكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ولا تضامون في رؤيته».
وإذا كانت الرؤية قد صارت قطعية الثبوت بتلك الأدلة فينبغي أن يسأل المعطل لاستوائه تعالى على عرشه عن الجهة التي تقع فيه الرؤية ، فإن الجهات ست ولا بد من وقوع الرؤية في واحدة منها ، فهل نراه من تحتنا ـ حاشاه سبحانه ـ أو عن أيماننا أو عن شمائلنا أو من خلفنا أو أمامنا أو نراه من فوقنا ، لا تحتمل القسمة أكثر من هذا ، فإذا نفي المعطل عنه سائر الجهات التي تمكن منها الرؤية صارت الرؤية ممتنعة غير ممكنة ، لأن المرئي يجب أن يكون في جهة الرائي ، ومن ادعى امكان الرؤية بلا وجه فقد كابر العقول ووقع في التناقض لهذا لما رأى المعتزلة إنه لا يمكن اثبات الرؤية مع نفي الجهة التزموا نفي الرؤية ، وأولوا ما ورد فيها من الآيات وردوا الاحاديث بدعوى أنها أحاديث آحاد ولا يؤخذ بها في الاعتقاد.
وأما الأشاعرة فإنه لما لم يستطيعوا انكار الرؤية وكانوا مع المعتزلة في نفي الجهة التزموا اثبات رؤية بلا وجه ، بل قال بعضهم جهلا تقع الرؤية كل جهة ولا يتأتى هذا إلا إذا انقلب الجسم كله عيونا ترى. وما أوقع الاشاعرة في هذا التناقض الشنيع الذي سلم منه المعتزلة إلا تأرجحهم بين المذاهب وأخذهم من كل منها بطرق حتى سموا بالملفقة.
* * *
ولذاك قال محقق منكم لأهل |
|
الاعتزال مقالة بأمان |
ما بيننا خلف وبينكم لذي |
|
التحقيق في معنى فيا اخواني |
شدوا بأجمعنا لنحمل حملة |
|
نذر المجسم في أذل هوان |
إذ قال ان الهنا حقا يرى |
|
يوم المعاد كما يرى القمران |