وتصير أبصار العباد نواظرا |
|
حقا إليه رؤية بعيان |
لا ريب أنهم إذا قالوا بذا |
|
لزم العلو لفاطر الأكوان |
ويكون فوق العرش جل جلاله |
|
فلذاك نحن وحزبهم خصمان |
لكننا سلم وأنتم اذ تسا |
|
عدنا على نفي العلو لربنا الرحمن |
فعلوه عين المحال وليس فو |
|
ق العرش من رب ولا ديان |
ولا تنصبوا معنا الخلاف فما له |
|
طعم فنحن وأنتم سلمان |
هذا الذي والله مودع كتبهم |
|
فانظر ترى يا من له عينان |
الشرح : لما رأى بعض محققي الاشاعرة كالفخر الرازي وغيره تناقض مذهبهم في مسألة الرؤية. ذهبوا إلى أن الرؤية الثابتة للمؤمنين في الآخرة ليست بصرية ، وإنما هي زيادة انكشاف الرب لهم وتمام معرفتهم به حتى كأنهم يرونه بأعينهم ، قالوا : وعلى هذا يرتفع الخلاف بيننا وبين المعتزلة لأن الرؤية التي نثبتها ليست هي التي تنفيها المعتزلة ، فنحن وهم متفقون على نفي الرؤية البصرية التي تقتضي وقوع المرئي في جهة من الرائي ، ولو أن المعتزلة فسروا الرؤية بالمعنى الذي فسرناها به لم ينفوها ، وإذا فيجب أن نكون نحن وهم البا واحدا على هؤلاء المجسمة الذين يزعمون أن الله يرى يوم القيامة بالأبصار رؤية حقيقية ، كما يرى الشمس والقمر فإن اثبات مثل هذه الرؤية مستلزم لاثبات جهة العلو له سبحانه ، وكونه فوق العرش بذاته وهو أمر قد قطعت عقولنا باستحالته وخاصمنا هؤلاء المجسمة عليه وعاديناهم بسببه.
وأما أنتم معشر المعتزلة فسلم لنا اذ قد توافقنا على نفي الجهة عن الله ، وأقمنا نحن وأنتم الأدلة على استحالة علوه واستوائه على العرش بذاته ، وإذا فلا معنى للخلاف بيننا وبينكم. ومن تأمل كتب المتأخرين من الأشاعرة مثل الرازي وعضد الدين الايجي والشريف الجرجاني والسعد التفتازاني والجلال الدواني وغيرهم وجدها مليئة بأمثال هذه المحاولات التي تبذل لرفع الخلاف بين مذهبي الأشاعرة والمعتزلة على حين أنهم لا يذكرون مذهب السلف إلا مقرونا