وقيل أن سالما قتله لما بلغه فساد نحلته ، وأنه ينكر أن الله كلم موسى تكليما.
ولما كان مذهب الجهم في التعطيل والجبر أصلا تفرع عنه كثير من فرق الضلال كالمعتزلة والفلاسفة ومتأخري الأشعرية والقرامطة الباطنية وملاحدة الصوفية القائلين بالحلول والوحدة ، كابن عربي وابن سبعين وأضرابهما ، بدأ المصنف ببيانه مع التفصيل والاسهاب ، فأخبر أن الجهم وشيعته أنكروا صفات الخالق جل وعلا ، وخلاصة مذهب الجهم في هذا أنه لا يجوز أن يوصف الله عزوجل بصفة يوصف بها خلقه لأن ذلك يقتضي في زعمه تشبيها ، فنفى كونه حيا عالما مريدا الخ ، ولكنه أثبت كونه قادرا فاعلا خالقا ، لأن المخلوق عنده لا يوصف بهذه الأشياء.
وأما شيعة الجهم من أهل النفي والتعطيل فإنهم ليسوا في تجهمهم بدرجة سواء بل منهم غال كالفلاسفة أتباع مذاهب اليونان ، فإنهم لم يثبتوا له إلا وجودا مطلقا بشرط الاطلاق ولم ينعتوه إلا بالسلوب والاضافات ، ويليهم المعتزلة الذين أثبتوا الأسماء دون الصفات ، ثم متأخرو الأشعرية الذين أثبتوا بعض الصفات ونفوا بعضها ، وسيأتي في كلام المؤلف رحمهالله ما فيه الكفاية في الرد عليهم.
وبعد أن ذكر مذهبهم في جحد الصفات اجمالا أخذ في تفصيل ذلك ، فذكر كل واحدة من الصفات التي نفوها ، فمن ذلك استواؤه تعالى على العرش ، فالجهمية كلهم غاليهم وقاصرهم لا يؤمنون بأن في السماء ربا ولا فوق العرش ، الهابل عطلوا منه السموات العلى ، وأخلوا منه عرشه العظيم ، مخالفين بذلك صريح الكتاب والسنة واجماع سلف الأمة وأئمتها بل وإجماع الشرائع السماوية كلها التي قامت على أساس أن الله عزوجل في السماء ، وأن الوحي ينزل من عنده على المصطفين من عباده.
وكذلك نفوا أن يكون الله عزوجل متكلما بكلام هو صفة له قائمة به ، ولكنه متكلم عندهم بمعنى أنه خالق للكلام كخلقه لسائر الأعراض والأجسام ، فكلام الله عندهم مخلوق محدث منفصل عنه كسائر مفعولاته ، وإنما يضاف إليه