مجازا كما يقال سقط الجدار وجرى الماء.
وضرب المؤلف مثلا لذلك بتحرك الرجفان ، وهو الخائف المرتعد. وهبوب الريح وحركة النائم وتمايل الأشجار ، ومن المعلوم أن كل هذه أفعال اضطرارية.
ويقول الجهمية : ان الله يعاقب العبد على ما ليس من فعله من المعاصي والذنوب ويذيقه عليها العذاب الشديد ، وحر الحميم الآن ، وهو الماء الحار الشديد الحرارة ـ بل ان الله يعاقبه على فعله هو فيه ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ـ وقالوا ان هذا ليس ظلما ، لأنه تصرف في محض ملكه وسلطانه وهو ممكن ، والظلم انما هو المحال لذاته.
وقد ردّ المؤلف عليهم بأن الظلم إذا كان محالا لذاته لم يكن في نفيه عن الله عزوجل مدح ، مع أن الله قد مدح نفسه بنفي الظلم عنه كما في قوله (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) [النساء : ٤](ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [ق : ٢٩] وفي الحديث القدسي «يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا».
وذلك لا يكون إلا إذا كان الظلم في ذاته ممكنا ويكون مختارا في تركه ، اذ لا يعقل أن يتمدح أحد بما لا يتصور وقوعه منه لاستحالته في ذاته.
* * *
وكذلك قالوا ماله من حكمة |
|
هي غاية للأمر والاتقان |
ما ثم غير مشيئة قد رجحت |
|
مثلا على مثل بلا رجحان |
هذا وما تلك المشيئة وصفه |
|
بل ذاته أو فعله قولان |
وكلامه مذ كان غيرا كان مخ |
|
لوقا له من جملة الأكوان |
الشرح : اختلفت مذاهب الناس في الحكمة بمعنى العلة الباعثة على الخلق والأمر ، وهل لله حكمة من أجلها يفعل ويأمر ، أم ليس هناك إلا مجرد الإرادة